الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وتجب عدة أخرى بوطء المعتدة بشبهة وتداخلتا والمرئي منهما وتتم الثانية إن تمت الأولى ) ; لأن المقصود التعرف عن فراغ الرحم وقد حصل بالواحدة فيتداخلان ومعنى العبادة فيها تابع ، ألا ترى أنها تنقضي بدون علمها ومن غير تركها الكف أطلق الوطء بشبهة فشمل المطلق وغيره حتى لو حاضت المطلقة حيضة ثم تزوجت بآخر ووطئها وفرق بينهما ثم حاضت حيضتين بعد التفريق فقد انقضت عدة الأول وحل للثاني أن يتزوجها وليس لغيره أن يتزوجها حتى تحيض ثلاثا من وقت التفريق وإن كان طلاق الأول رجعيا كان له أن يراجعها قبل أن تحيض حيضتين لبقاء عدتها ولا يطؤها حتى تنقضي عدة الثاني فإن حاضت ثلاثا من وقت التفريق فقد انقضت العدتان كذا في الخانية والوطء بشبهة يتحقق في صور [ ص: 156 ] منها : من زفت إلى غير زوجها ، ومنها الموطوءة للزوج بعد الثلاث في العدة بنكاح قبل زوج آخر وفي العدة إذا قال : ظننت أنها تحل لي ، ومنها المبانة في الكناية إذا وطئها في العدة ومنها المعتدة إذا وطئها آخر في العدة بشبهة أو في عصمة فوطئها آخر بشبهة ثم طلقها الزوج ففي هذه تجب عدتان فيتداخلان كذا في فتح القدير أخذا من المعراج أخذا من الينابيع ولكنه نظر في مسألة المعراج وهي الموطوءة للزوج بعد الثلاث إذا ادعى ظن الحل بأنه من قبيل شبهة الفعل والنسب لا يثبت فيها بالوطء وإن قال : ظننت أنها تحل لي وإذا لم يثبت النسب لم تجب العدة لكن الأخيرة لم تدخل تحت كلام المصنف ; لأن كلامه في وطء المعتدة وتلك وطء المنكوحة وإن اشتركتا في وجوب عدتين .

                                                                                        قوله : " والمرئي منهما " بيان لمعنى التداخل ولكنه قاصر على من تحيض بعد أن كان قوله وتداخلتا شاملا لما إذا كانتا من جنس واحد كوطء المعتدة عن طلاق أو جنسين كوطء المعتدة عن وفاة ، وأما من لم تحض إذا وجبت عليها عدتان فالأشهر لهما يتأديان بمدة واحدة حياة ووفاة ، وكذا المعتدة عن وفاة إذا وطئت بشبهة تعتد بالشهور وتحتسب بما تراه من الحيض فلو لم تر فيها دما يجب أن تعتد بعد الأشهر بثلاث حيض كما في فتح القدير .

                                                                                        بقي صورتان : لو كانت حائلا في عدة الطلاق أو الموت فوطئت بشبهة فحبلت فظاهر ما في المعراج التداخل فتنقضي بوضع الحمل ; لأن الحامل لا تحيض عندنا فينبغي أن يكتفى بوضع الحمل وقد قدمنا في بيان عدة امرأة الصغير معزيا إلى المجتبى فارجع إليه ، وفي كافي الحاكم لو تزوجت المعتدة برجل ودخل بها وفرق بينهما فإن كانت حاملا فوضعت انقضت العدتان منهما جميعا وفيه أيضا لو تزوجت في عدتها من طلاق بائن ودخل بها فولدت لأقل من سنتين منذ طلق الأول ولأقل من ستة أشهر منذ دخل الثاني لزم الأول وإن كان لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول ولأقل من ستة أشهر منذ دخل الثاني لم يلزم الأول ولا الثاني ا هـ .

                                                                                        بقي ما لو جاءت به لأقل من سنتين من طلاق الأول ولستة أشهر من دخول الثاني وينبغي إلحاقه بالأول وبقي ما لو جاءت به لأكثر من سنتين من طلاق الأول ولستة أشهر من دخول الثاني ولا شك بإلحاقه بالثاني فهي رباعية ، وفي نسختي الكافي للحاكم الشهيد سقط وتغيير في هذا المحل ، وفي الجوهرة ثم إذا تداخلتا عندنا وكانت العدة من طلاق رجعي فلا نفقة على واحد منهما لها وإن كانت من بائن فنفقتها على الأول والزوجة إذا تزوجت بآخر وفرق بينهما بعد الدخول ووجبت عليها العدة فلا نفقة لها في هذه العدة على زوجها ; لأنها منعت نفسها في العدة ا هـ .

                                                                                        فعلى هذا فالمنع الشرعي أقوى من المنع الحسي ; لأنها لو منعته عن جماعها لها النفقة ، وفي المجتبى كل نكاح اختلف العلماء في جوازه كالنكاح بلا شهود فالدخول فيه يوجب العدة أما نكاح منكوحة الغير ومعتدته فالدخول فيه لا يوجب العدة إن علم أنها للغير ; لأنه لم يقل أحد بجوازه فلم ينعقد أصلا فعلى هذا يفرق بين فاسده وباطله في العدة ولهذا يجب الحد مع العلم بالحرمة لكونه زنا كما في القنية وغيرها ، ولو كان الواطئ في العدة والمطلق هو فلا نفقة لها بعد عدة الطلاق كذا في المجتبى .

                                                                                        ثم اعلم أن المرئي إنما يكون منهما إذا كان بعد التفريق بينها وبين الواطئ الثاني أما إذا حاضت حيضة بعد وطء الثاني قبل التفريق فإنها من عدة الأول خاصة وبقي عليها من تمام عدة الأول حيضتان ، وللثاني ثلاث حيض ، فإذا حاضت حيضتين كانت منهما جميعا وبقيت من عدة الثاني حيضة كذا في الجوهرة ، فإن قيل : إذا كان الواطئ المطلق فهل يشترط أن يكون بعد التفريق أيضا قلت لم أره صريحا ، وفي الولوالجية رجل طلق امرأته ثلاثا فلما اعتدت بحيضتين أكرهها على الجماع ، فإن جامعها منكرا طلاقها تستقبل العدة وإن كان مقرا بطلاقها لكن جامعها على وجه الزنا [ ص: 157 ] لا تستقبل وكذلك من طلق امرأته ثم أقام معها زمانا فعلى التفصيل ا هـ .

                                                                                        وشمل قوله المعتدة عن وطء بشبهة لو وطئت بشبهة ثانيا والمعتدة عن فاسد لو وطئت بشبهة للأول لكن ذكر في القنية خلافا في الثانية .

                                                                                        [ ص: 156 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 156 ] ( قوله وينبغي إلحاقه بالأول ) سيأتي في أوائل ثبوت النسب عن البدائع أنه للثاني في هذه الصورة وأن نكاح الثاني جائز ; لأن إقدامها على التزوج دليل انقضاء عدتها من الأول ا هـ .

                                                                                        لكن راجعت كافي الحاكم فرأيته ذكر ما يوافق بحث المؤلف وعبارته هكذا وإن تزوجت المرأة في عدتها من طلاق بائن ودخل بها زوجها فجاءت بولد لأقل من سنتين من يوم طلقها الأول ولستة أشهر أو أكثر منذ تزوجها الآخر فالولد للأول ; لأن نكاح الآخر كان فاسدا وإن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلق الأول ولأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الآخر لم يلزم الأول ولا الآخر ; لأن النساء لا يلدن لأكثر من سنتين ولا يلدن لأقل من ستة أشهر وإن جاءت به لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول ولستة أشهر منذ تزوجها الآخر ودخل بها فهو للآخر




                                                                                        الخدمات العلمية