الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1280 1281 ص: وقد روي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:

                                                حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا ابن الأصبهاني، قال: أنا شريك ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن زرارة بن أوفى قال: "أقرأني أبو موسى كتاب عمر - رضي الله عنه - إليه: اقرأ في المغرب بآخر المفصل".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن عمر بن الخطاب مثل ما روى أبو هريرة عن النبي - عليه السلام - أنه كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل، وبين ذلك بقوله: "حدثنا ... " إلى آخره وابن الأصبهاني هو محمد بن سعيد بن الأصبهاني شيخ البخاري ، وشريك هو ابن عبد الله النخعي ثقة كبير، وعلي بن زيد بن جدعان ليس بقوي قاله أبو زرعة وأحمد، وعن يحيى: ليس بحجة. وعن أبي حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، وكان ضريرا وكان يتشيع، وزرارة بن أوفى العامري قاضي البصرة، من التابعين الثقات، ومات وهو ساجد، وأبو موسى الأشعري اسمه عبد الله بن قيس وكان عمر - رضي الله عنه - استعمله على الكوفة والبصرة.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا شريك ، عن علي بن زيد ، عن زرارة بن أوفى قال: "أقرأني أبو موسى كتاب عمر - رضي الله عنه - أن اقرأ بالناس في المغرب بآخر المفصل" انتهى.

                                                وآخر المفصل من لم يكن إلى آخر القرآن.

                                                [ ص: 79 ] وروى عبد الرزاق : عن الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال: "صلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صلاة المغرب فقرأ في الركعة الأولى بالتين والزيتون وطور سينين، وفي الركعة الأخرى ألم تر، ولإيلاف قريش".

                                                وقد روي نحو ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعمران بن الحصين وأبي بكر الصديق - رضي الله عنهم -.

                                                فأثر ابن مسعود أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا أبو داود الطيالسي ، عن قرة ، عن النزال بن عمار، قال: حدثني أبو عثمان النهدي، قال: "صلى بنا ابن مسعود - رضي الله عنه - المغرب، فقرأ قل هو الله أحد، فوددت أنه كان قرأ سورة البقرة من حسن صوته".

                                                وأخرجه أبو داود ، والبيهقي أيضا.

                                                وأثر ابن العباس أخرجه ابن أبي شيبة أيضا: ثنا وكيع ، عن شعبة ، عن أبي نوفل بن أبي عقرب، عن ابن عباس قال: "سمعته يقرأ في المغرب إذا جاء نصر الله والفتح".

                                                وأثر عمران بن الحصين أخرجه ابن أبي شيبة أيضا: ثنا حسين بن علي ، عن زائدة ، عن هشام ، عن الحسن قال: "كان عمران بن الحصين يقرأ في المغرب إذا زلزلت والعاديات".

                                                وأثر أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" : عن مالك ، عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك، أن عبادة بن نسي أخبره، أنه سمع قيس بن [ ص: 80 ] الحارث يقول: أخبرني أبو عبد الله الصنابحي: "أنه صلى وراء أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - المغرب، فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورتين من قصار المفصل، ثم قرأ في الثالثة، قال: فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا حتى الوهاب " انتهى.

                                                وعن مكحول : "أن قراءته هذه الآية في الركعة الثالثة كانت على سبيل الدعاء".

                                                وروي نحو ذلك عن التابعين أيضا:

                                                فقال ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا وكيع ، عن إسماعيل بن عبد الملك، قال: "سمعت سعيد بن جبير يقرأ في المغرب مرة: تنبئ أخبارها، ومرة تحدث أخبارها ".

                                                ثنا وكيع ، عن ربيع قال: "كان الحسن يقرأ في المغرب إذا زلزلت والعاديات لا يدعها".

                                                ثنا زيد بن الحباب ، عن الضحاك بن عثمان قال: "رأيت عمر بن عبد العزيز يقرأ في المغرب بقصار المفصل".

                                                ثنا وكيع ، عن محل قال: "سمعت إبراهيم يقرأ في الركعة الأولى من المغرب بـ إيلاف قريش".

                                                وأخرج البيهقي في "سننه" : من حديث هشام بن عروة: "أن أباه كان يقرأ في المغرب بنحو مما تقرءون والعاديات ونحوها من السور". والله تعالى أعلم.




                                                الخدمات العلمية