الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا "رب السماوات والأرض "؛ خبر لمبتدإ محذوف؛ تقديره: هو رب السماوات والأرض؛ الذي يملك كل شيء؛ ما بين أيدينا وما خلفنا؛ ويعلم كل خلقه؛ هو رب السماوات؛ ورب الأرض؛ ورب ما بينهما من فضاء؛ وإذا كان هو الرب الخالق لكل شيء؛ ولا خالق سواه؛ فإنه وحده الذي يستحق العبادة؛ ولذا قال (تعالى): فاعبده واصطبر لعبادته والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها; لأنه إذا كان الخالق القائم بحق الربوبية؛ الحي القيوم؛ فهو وحده المستحق للعبادة؛ ولكن هذه العبادة لا يستقيم لها الإنسان وسط الأهواء والأوهام؛ وما يألف الناس من عبادة الأحجار والأشخاص؛ ليس الطريق الإنساني إليها معبدا؛ ولذلك كان المؤمن يحتاج إلى صبر؛ فقال (تعالى): واصطبر لعبادته أصل "اصطبر ": "اصتبر "؛ قلبت تاء الافتعال طاء لقرب التاء من الطاء؛ ومعنى الافتعال هنا: الصبر؛ وتحمل ما يكلفه النفس من جهود؛ ونبه - سبحانه - إلى أنه لا مشابه له من الحوادث؛ فقال: هل تعلم له سميا أي: شبيها؛ والاستفهام للإنكار؛ بمعنى النفي؛ أي: لا تعلم له شبيها؛ فهو [ ص: 4671 ] منزه عن الحوادث؛ كقوله (تعالى): ليس كمثله شيء وهو السميع البصير

                                                          وهذا النفي بالاستفهام الإنكاري دليل على استحقاقه وحده للعبادة؛ لأنه لا شبيه له.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية