الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4706 13 - حدثنا سعيد بن عفير قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب قال : حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول : سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكدت أساوره في الصلاة ، فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه ، فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال : أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : كذبت ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت ، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : [ ص: 21 ] إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسله ، اقرأ يا هشام ، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت ، ثم قال : اقرأ يا عمر ، فقرأت القراءة التي أقرأني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذلك أنزلت ، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، والحديث مضى في كتاب الخصومات ، ومضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وعبد الرحمن بن عبد " بالتنوين غير مضاف إلى شيء ، والقاري بتشديد الياء نسبة إلى قارة بطن من خزيمة بن مدركة ، قوله : " هشام بن حكيم " ابن حزام هو الأسدي ، له ولأبيه صحبة ، وكان إسلامهما يوم الفتح ، وهشام مات قبل أبيه وليس له في البخاري رواية ، وأخرج له مسلم حديثا واحدا مرفوعا من رواية عروة عنه ، قوله : " أساوره " أي : أواثبه ، وقال الحربي أي : آخذه برأسه ، والأول أشبه ، قوله : " حتى سلم " أي : من صلاته ، قوله : " فلببته بردائه " أي : جمعت عليه ثيابه عند لبته لئلا ينفلت مني ، قوله : " كذبت " فيه إطلاق ذلك على غلبة الظن ، أو المراد بقوله كذبت أخطأت ; لأن أهل الحجاز يطلقون الكذب في موضع الخطإ ، قوله : " أقوده " كأنه لما لببه صار يجره ، قوله : " إن هذا القرآن " إلى آخره ، إنما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم تطمينا لعمر رضي الله تعالى عنه لئلا ينكر تصويب الشيئين المختلفين ، قوله : " ما تيسر منه " أي : من المنزل ، وفيه إشارة إلى أن التعدد في القراءة للتيسير على القارئ ، وهذا يقوي قول من قال المراد بالأحرف تأدية المعنى باللفظ المرادف ، ولو كان من لغة واحدة ; لأن لغة هشام بلسان قريش ، وكذلك عمر رضي الله تعالى عنه ومع ذلك فقد اختلفت قراءتهما ، قال ذلك ابن عبد البر ، ونقل ذلك عن أكثر أهل العلم أن هذا هو المراد بالأحرف السبعة ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية