الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب نكاح الرقيق هو المملوك كلا أو بعضا ، [ ص: 163 ] والقن المملوك كلا

. ( توقف نكاح قن وأمة ومكاتب ومدبر وأم ولد على إجازة المولى ، فإن أجاز نفذ ، وإن رد بطل ) فلا مهر ما لم يدخل فيطالب بمهر المثل بعد عتقه ، ثم المراد بالمولى من له ولاية تزويج الأمة كأب وجد وقاض ووصي ومكاتب ومفاوض ومتول ، [ ص: 164 ]

وأما العبد فلا يملك تزويجه إلا من يملك إعتاقه درر

التالي السابق


باب نكاح الرقيق لما فرغ من نكاح من له أهلية النكاح من المسلمين شرع في بيان من ليس له ذلك وهو الرقيق ، وقدمه على الكافر لأن الإسلام غالب فيهم نهر .

( قوله هو المملوك ) في الصحاح الرقيق المملوك يطلق على الواحد والجمع .

قال في البحر : والمراد هنا المملوك من الآدمي لأنهم قالوا إن الكافر إذا أسر في دار الحرب فهو رقيق لا مملوك وإذا أخرج فهو مملوك أيضا ، فعلى هذا فكل مملوك من الآدمي رقيق لا عكسه ا هـ وعليه فالمراد بالرقيق هنا الرقيق المحرز بدارنا فالأمة إذا أسرت ولم تخرج إلى دارنا لو تزوجت لا يتوقف نكاحها بل يبطل لأنه لا مجيز له وقت وقوعه كما في النهر بحثا . قلت : قد يقال إن له مجيزا وهو الإمام لأن له بيعها قبل الإخراج وبعده فتأمل .

( قوله كلا أو بعضا ) يشمل المبعض والمملوك ملكا ناقصا كالمكاتب ومن ولد له سبب الحرية كالمدبر وأم الولد [ ص: 163 ] قوله والقن المملوك كلا ) أخرج المبعض ، لكن دخل فيه المكاتب والمدبر وأم الولد لدخولهم في المملوك . وفي المغرب : القن من العبيد من ملك هو وأبواه ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث وأما أمة قنة فلم نسمعه ، وعن ابن الأعرابي عبد قن خالص العبودية ، وعليه قول الفقهاء لأنهم يعنون به خلاف المدبر والمكاتب ا هـ فالمناسب ما في الرحمتي من أن القن المملوك ملكا تاما لم ينعقد له سبب الحرية .

قال ح : ثم اعلم أن كلا من الرق والملك كامل وناقص ، ففي القن كاملان ، وفي معتق البعض ناقصان ، وفي المكاتب كمل الرق ، وفي المدبر وأم الولد كمل الملك .

( قوله توقف نكاح قن ) أطلق في نكاحه فشمل ما إذا تزوج بنفسه أو زوجه غيره ، وقيد بالنكاح لأن التسري حرام مطلقا .

قال في الفتح : [ فرع ] ، مهم للتجار ربما يدفع لعبده جارية ليتسرى بها ، ولا يجوز للعبد أذن له مولاه أو لا لأن حل الوطء لا يثبت شرعا إلا بملك اليمين أو عقد النكاح ، وليس للعبد ملك يمين فانحصر حل وطئه في عقد النكاح . ا هـ . بحر .

( قوله وأمة ) قد علمت أن القن يشمل الذكر والأنثى .

( قوله ومكاتب ) لأن الكتابة أوجبت فك الحجر في حق الاكتساب ومنه تزويج أمته إذ به يحصل المهر والنفقة للمولى ، بخلاف تزويج نفسه وعبده ، ودخل في المكاتب معتق البعض لا يجوز نكاحه عنده ، وعندهما يجوز لأنه حر مديون ، وأفاده في البحر .

( قوله وأم ولد ) وفي حكمها ابنها من غير مولاها ، كما إذا زوج أم ولده من غيره فجاءت بولد من زوجها ، وأما ولدها من مولاها فحر وتمامه في البحر .

( قوله فإن أجاز نفذ إلخ ) إن كان كل من الإجازة أو الرد قبل الدخول فالأمر ظاهر ، وإن كان بعده ففي الرد يطالب العبد بعد العتق كما ذكره بقوله فيطالب إلخ ، وفي الإجازة قال في البحر عن المحيط وغيره القياس أن يجب مهران مهر بالدخول ومهر بالإجازة كما في النكاح الفاسد إذا جدده صحيحا . وفي الاستحسان : لا يلزمه إلا المسمى لأن مهر المثل لو وجب لوجب باعتبار العقد ، وحينئذ فيجب بعقد واحد مهران وإنه ممتنع . ا هـ .

ثم الإجازة تكون صريحة ودلالة وضرورة كما سيأتي ، وفيه رمز إلى أن سكوته بعد العلم ليس بإجازة كما فيالقهستاني عن القنية .

( قوله فلا مهر ) تفريع على قوله بطل ح أي لا مهر على العبد ولا مهر للأمة .

( قوله فيطالب ) جواب شرط مقدر أي فإن دخل فيطالب فافهم .

( قوله من له ولاية تزويج الأمة ) أي وإن لم يكن مالكا لها بحر وشمل الوارث والمشتري ، فلو مات الولي أو باعه فأجاز سيده الوارث أو المشتري يجوز وإلا فلا كما أشير إليه في العمادية قهستاني ، وشمل الشريكين . فلو زوج أحدهما الأمة ودخل الزوج ، فإن رد الآخر فله نصف مهر المثل وللمزوج الأقل من نصفه ومن نصف المسمى بحر .

( قوله كأب ) أي أبي اليتيم فإنه يزوج أمته وكذا جده وكذا وصيه والقاضي ح لأنه من باب الاكتساب فتح .

( قوله ومكاتب ) لأنه كما تقدم يجوز له تزويج أمته لكونه من الاكتساب لا عبده ط وخرج العبد المأذون فلا يملك تزويج الأمة أيضا بحر ومثله الصبي المأذون درر ( قوله ومفاوض ) فإنه يزوج أمة المفاوضة لا عبدها ح عن القهستاني ، بخلاف شريك العنان فلا يملك تزويج الأمة كما مر وكذا المضارب كما في البحر .

( قوله ومتول ) ذكره في النهر بحثا حيث قال ولم أر حكم نكاح رقيق بيت المال والرقيق [ ص: 164 ] في الغنيمة المحرزة بدارنا قبل القسمة والوقف إذا كان بإذن الإمام والمتولي ، وينبغي أن يصح في الأمة دون العبد كالوصي . ثم رأيت في البزازية : لا يملك تزويج العبد إلا من يملك إعتاقه . ا هـ . أي فإنه يدل على أنه لا يصح في العبد وأما في الأمة فينبغي الجواز تخريجا على الوصي كما قال ، ولعل الشارح اقتصر على المتولي ولم يذكر الإمام لأن أحكام الوصي والمتولي مستقيان من واد واحد ، لكن الإمام في مال بيت المال ملحق بالوصي أيضا ، حتى إنه لا يملك بيع عقار بيت المال إلا فيما يملكه الوصي ، وله بيع عبد الغنيمة قبل الإحراز وبعده فينبغي أن يملك تزويج الأمة إذا رأى المصلحة تأمل .

( قوله وأما العبد إلخ ) يستثنى من ذلك ما لو زوج الأب جارية ابنه من عبد ابنه فإنه يجوز عند أبي يوسف ، بخلاف الوصي لكن في المبسوط أنه لا يجوز في ظاهر الرواية فلا استثناء بحر




الخدمات العلمية