الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة قال بعض النحويين : التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال . قال النحاس : وهذا غلط من أجل الواو وقيل : المعنى واذكر يوم نسير الجبال ، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض ، ونسيرها كما نسير السحاب ; كما قال في آية أخرى وهي تمر مر السحاب . ثم تكسر فتعود إلى الأرض ; كما قال : وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا . وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر " ويوم تسير " بتاء مضمومة وفتح الياء . و " الجبال " رفعا على الفعل المجهول . وقرأ ابن محيصن ومجاهد " ويوم تسير الجبال " بفتح التاء مخففا من سار . [ ص: 372 ] " الجبال " رفعا . دليل قراءة أبي عمرو وإذا الجبال سيرت . ودليل قراءة ابن محيصن وتسير الجبال سيرا . واختار أبو عبيد القراءة الأولى نسير بالنون لقوله وحشرناهم . ومعنى " بارزة " ظاهرة ، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان ; أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها ، وهدم بنيانها ; فهي بارزة ظاهرة . وعلى هذا القول أهل التفسير . وقيل : وترى الأرض بارزة أي برز ما فيها من الكنوز والأموات ; كما قال وألقت ما فيها وتخلت وقال وأخرجت الأرض أثقالها وهذا قول عطاء .

وحشرناهم أي إلى الموقف .

فلم نغادر منهم أحدا أي لم نترك ; يقال : غادرت كذا أي تركته . قال عنترة :


غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل



أي تركته . والمغادرة الترك ; ومنه الغدر ; لأنه ترك الوفاء . وإنما سمي الغدير من الماء غديرا لأن الماء ذهب وتركه . ومنه غدائر المرأة لأنها تجعلها خلفها . يقول : حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية