الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا

                                                                                                                                                                                                                                      قل لهم بعد ما بينت لهم شأن كلماته تعالى، إنما أنا بشر مثلكم لا أدعي الإحاطة بكلماته التامة. يوحى إلي من تلك الكلمات أنما إلهكم إله واحد لا شريك له في الخلق، ولا في سائر أحكام الألوهية وإنما تميزت عنكم بذلك. فمن كان يرجو لقاء ربه الرجاء توقع وصول الخير في المستقبل، والمراد بلقائه تعالى: كرامته. وإدخال الماضي على المستقبل للدلالة على أن اللائق بحال المؤمن الاستمرار، والاستدامة على رجاء اللقاء، أي: فمن استمر على رجاء كرامته تعالى. فليعمل لتحصيل تلك الطلبة العزيزة عملا صالحا في نفسه لائقا بذلك المرجو، كما فعله الذين آمنوا، وعملوا الصالحات. ولا يشرك بعبادة ربه أحدا إشراكا جليا، كما فعله الذين كفروا بآيات ربهم، ولقائه. ولا إشراكا خفيا، كما يفعله أهل الرياء، ومن يطلب به أجرا، وإيثار وضع المظهر موضع المضمر في الموضعين مع التعرض لعنوان الربوبية لزيادة التقرير، وللإشعار بعلية العنوان للأمر والنهي، ووجوب الامتثال فعلا وتركا. روي أن جندب بن زهير رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعمل العمل لله تعالى فإذا اطلع عليه سرني. فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يقبل ما شورك فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 252 ] فنزلت تصديقا له. وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لك أجران أجر السر وأجر العلانية، وذلك إذا قصد أن يقتدى به. وعنه صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الشرك الأصغر. قيل: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء ". عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة الكهف من آخرها كانت له نورا من قرنه إلى قدمه، ومن قرأها كلها كانت له نورا من الأرض إلى السماء، وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ عند مضجعه: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ... إلخ. كان له مضجعه نورا يتلألأ إلى مكة ، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه حتى يقوم، وإن كان مضجعه بمكة كان له نورا يتلألأ من مضجعه إلى البيت المعمور، حشو ذلك النور ملائكة يصلون عليه، حتى يستيقظ ". الحمد لله سبحانه على نعمه العظام.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية