الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1106 - " اطلبوا الحوائج إلى ذوي الرحمة من أمتي؛ ترزقوا؛ وتنجحوا؛ فإن الله (تعالى) يقول: رحمتي في ذوي الرحمة من عبادي؛ ولا تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهم؛ فلا ترزقوا؛ ولا تنجحوا؛ فإن الله (تعالى) يقول: إن سخطي فيهم " ؛ (عق طس)؛ عن أبي سعيد ؛ (ض).

التالي السابق


(اطلبوا) ؛ بهمزة وصل مضمومة؛ إرشادا؛ (الحوائج) ؛ أي: حوائجكم إلى ذوي الرحمة من أمتي؛ أي: إلى الرقيقة قلوبهم؛ السهلة عريكتهم؛ اللينة شكيمتهم؛ وجواب الأمر قوله: (ترزقوا؛ وتنجحوا) ؛ بفتح المثناة فوق؛ وسكون النون؛ وفتح الجيم؛ أي: تصيبوا حوائجكم؛ وتبلغوا مقاصدكم؛ ثم علل بقوله: (فإن الله (تعالى) يقول) ؛ في الحديث القدسي: (رحمتي في ذوي الرحمة من عبادي) ؛ أي: أسكنت المزيد منها فيهم؛ ومن لان قلبه؛ وترطب بماء الرحمة؛ فهو أهل للإحسان والنعمة؛ (ولا تطلبوا) ؛ نهي إرشاد؛ (الحوائج عند القاسية قلوبهم) ؛ أي: الغليظة أفئدتهم؛ (فلا ترزقوا؛ ولا تنجحوا) ؛ وقاسي القلب لا يستحيي من الرد؛ بل هو حرج الصدر؛ جافي الطبع؛ (فإن الله (تعالى) يقول: إن سخطي) ؛ أي: كراهتي؛ وشدة غضبي؛ (فيهم) ؛ أي: جعلته فيهم؛ لأن الرحمة تتخطى إلى الإحسان إلى الغير؛ وكل من رحمته رق قلبك له؛ فأحسنت إليه؛ ومن لم يعط حظه من الرحمة؛ غلظ قلبه؛ وصار فظا؛ لا يرق لأحد؛ ولا لنفسه؛ فالشديد يشد على نفسه؛ ويعسر؛ ويضيق؛ فهو من نفسه في تعب؛ والخلق منه في نصب؛ مكدوح الروح؛ مظلم الصدر؛ عابس الوجه؛ منكر الطلعة - ذاهبا بنفسه تيها وعظمة -؛ سمين الكلام؛ عظيم النفاق؛ قليل الذكر لله؛ وللدار الآخرة؛ فهو أهل لأن يسخط عليه؛ ويغاضبه؛ ليعاقبه.

(تنبيه) : أخذ بعضهم من هذا الوعيد أن قسوة القلب من الكبائر؛ وحمل على ما إذا حملت صاحبها على نحو منع طعام المضطر.

(عق)؛ من طريق محمد بن أيوب بن الضريس؛ عن جندل بن والق؛ عن أبي مالك الواسطي؛ عن عبد الرحمن السدي ؛ عن داود بن أبي هند ؛ عن [ ص: 540 ] أبي نضرة ؛ عن أبي سعيد ؛ قال العقيلي : وعبد الرحمن مجهول؛ لا يتابع على حديثه؛ وداود لا يعرف؛ وخبره باطل؛ (طس؛ عن أبي سعيد) ؛ الخدري ؛ قال في اللسان: وأظن محمد بن مروان يكنى: " أبا عبد الرحمن " ؛ فوقع في رواية العقيلي أن أبا عبد الرحمن سقط من عنده " أبي" ؛ فبقي " عبد الرحمن " ؛ على أن محمد بن مروان لم ينفرد به؛ بل فيه متابع؛ وشاهد من حديث علي في المستدرك وغيره؛ انتهى؛ وأشار بذلك إلى الرد على ابن الجوزي في إيراده في الموضوعات.



الخدمات العلمية