الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2391 - أن ابن أبي داود حدثنا قال : ثنا أبو عمر الحوضي ، قال : ثنا مرجا بن رجاء ، قال : ثنا داود عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها ، غير المغرب ، فإنها وتر النهار ، وصلاة الصبح لطول قراءتها ، وكان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى .

                                                        [ ص: 416 ] فهذه عائشة رضي الله عنها تخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين ركعتين ، حتى قدم المدينة فصلى إلى كل صلاة مثلها وأنه كان إذا سافر ، عاد إلى صلاته الأولى .

                                                        فأخبرت أنه كان يصلي في سفره كما كان يصلي قبل أن يؤمر بتمام الصلاة ، وذلك ركعتان .

                                                        فذلك خلاف حديث فهد الذي ذكرناه في الفصل الأول : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم الصلاة في السفر ، وقصر . وأما حديث يعلى بن منبه فإن أهل المقالة الأولى احتجوا بالآية المذكورة فيه ، وهي قول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض الآية .

                                                        قالوا : فذلك على الرخصة من الله عز وجل لهم في التقصير ، لا على الحتم عليهم بذلك ، وهو كقوله فلا جناح عليهما أن يتراجعا فذلك على التوسعة منه لهم في المراجعة ، لا على إيجابه ذلك عليهم .

                                                        فكان من حجتنا عليهم لأهل المقالة الأخرى أن هذا اللفظ قد يكون على ما ذكروا ، ويكون على غير ذلك قال الله تعالى فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما وذلك على الحتم عند جميع العلماء لأنه ليس لأحد حج أو اعتمر أن لا يطوف بهما .

                                                        فلما كان نفي الجناح ، قد يكون على التخيير ، وقد يكون على الإيجاب ، لم يكن لأحد أن يحمل ذلك على أحد المعنيين دون المعنى الآخر إلا بدليل يدله على ذلك ، من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع .

                                                        وقد جاءت الآثار متواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقصيره في أسفاره كلها .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية