الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع

                                                                                                                                                                                                        4105 حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع حدثنا فليح عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمره النبي صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حج أبي بكر بالناس في سنة تسع ) كذا جزم به ، ونقل المحب الطبري عن صحيح ابن حبان أن فيه عن أبي هريرة " لما قفل النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين اعتمر من الجعرانة وأمر أبا بكر في تلك الحجة " قال المحب : إنما حج أبو بكر سنة تسع والجعرانة كانت سنة ثمان ، قال : وإنما حج فيها عتاب بن أسيد ، كذا قال ، وكأنه تبع الماوردي فإنه قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عتابا أن يحج بالناس عام الفتح ، والذي جزم به الأزرقي في " أخبار مكة " خلافه فقال : لم يبلغنا أنه استعمل في تلك السنة على الحج أحدا ، وإنما ولى عتابا إمرة مكة فحج المسلمون والمشركون جميعا وكان المسلمون مع عتاب لكونه الأمير .

                                                                                                                                                                                                        قلت : والحق أنه لم يختلف في ذلك ، وإنما وقع الاختلاف في أي شهر حج أبو بكر ، فذكر ابن سعد وغيره بإسناد صحيح عن مجاهد أن حجة أبي بكر وقعت في ذي القعدة ، ووافقه عكرمة بن خالد فيما أخرجه الحاكم في " الإكليل " ، ومن عدا هذين إما مصرح بأن حجة أبي بكر كانت في ذي الحجة - كالداودي وبه جزم من المفسرين الرماني والثعلبي والماوردي وتبعهم جماعة - وإما ساكت . والمعتمد ما قاله مجاهد وبه جزم الأزرقي . ويؤيده أن ابن إسحاق صرح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بعد أن رجع من تبوك رمضان وشوالا وذا القعدة ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج ، فهو ظاهر في أن بعث أبي بكر كان بعد انسلاخ ذي القعدة ، فيكون حجه في ذي الحجة على هذا والله أعلم . واستدل [ ص: 684 ] بهذا الحديث على أن فرض الحج كان قبل حجة الوداع ، والأحاديث في ذلك كثيرة شهيرة ، وذهب جماعة إلى أن حج أبي بكر هذا لم يسقط عنه الفرض بل كان تطوعا قبل فرض الحج ولا يخفى ضعفه . ولبسط تقرير ذلك موضع غير هذا . وقال ابن القيم في الهدي : ويستفاد أيضا من قول أبي هريرة في حديث الباب " قبل حجة الوداع " أنها كانت سنة تسع ، لأن حجة الوداع كانت سنة عشر اتفاقا ، وذكر ابن إسحاق أن خروج أبي بكر كان في ذي القعدة ، وذكر الواقدي أنه خرج في تلك الحجة مع أبي بكر ثلاثمائة من الصحابة ، وبعث معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرين بدنة .

                                                                                                                                                                                                        ثم ذكر المصنف في الباب حديثين : أحدهما حديث أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه في رهط يؤذن في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك " هكذا أورده مختصرا ، وسيأتي في تفسير سورة براءة تام السياق ، ويأتي تمام شرحه هناك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية