الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 227 ] وإن خرج لدار الحرب وأخذ : استرق ; [ ص: 228 ] إن لم يظلم ، وإلا فلا : كمحاربته .

التالي السابق


( وإن خرج ) الذمي من دار الإسلام ( لدار الحرب ) ناقضا العهد بخروجه ( وأخذ ) بضم الهمز وكسر الخاء المعجمة أي أسره المسلمون ( استرق ) بضم المثناة وكسر الراء وشد القاف أي جاز استرقاقه واقتصر عليه ، وإن خير الإمام فيه وفي بقية الوجوه المتقدمة في الأسير لرد قول أشهب لا يسترق لأن الحر لا يصير رقا .

وأجيب بأن الحرية لم تثبت بإعتاق من رق سابق حتى لا تنقض وإنما تركوا على حالهم من الجزية التي كانوا عليها آمنين على أنفسهم وأموالهم بين ظهراني المسلمين بما بذلوه ، فلما امتنعوا وخرجوا لدار الحرب كان للمسلمين الرجوع . ابن رشد اتفق أصحاب مالك رضي الله تعالى عنه على اتباع قوله في أهل الذمة إذا نقضوا العهد ومنعوا الجزية وخرجوا من غير عذر أنهم يصيرون حربا وعدوا يسبون ويقتلون إلا أشهب قائلا لا يعود الحر إلى الرق ، وما اتفق عليه أصحاب مالك معه أصح في النظر من قول أشهب لأن الحرية لم تثبت لهم بإعتاق من رق متقدم فلا ينقض ، وإنما تركوا على حالهم من الجزية التي كانوا عليها آمنين على أنفسهم ودمائهم بين أظهر المسلمين بما بذلوه من الجزية عن يد وهم صاغرون ، فإذا منعوا لم يصح العوض وكان للمسلمين الرجوع فيه وذلك أيضا كالصلح ينعقد بين أهل الحرب والمسلمين على شروط ، فإذا لم يوفوا بها انتقض الصلح ا هـ . [ ص: 228 ] إن لم يظلم ) بضم المثناة وفتح اللام الذمي ( وإلا ) أي وإن خرج لظلم لحقه وأخذ ( فلا ) يسترق ويرد لجزيته ويصدق في قوله إنه خرج لظلم دلت قرينة عليه وصرح بمفهوم الشرط ليشبه به في عدم الاسترقاق بقوله ( كمحاربته ) أي قطع الذمي الطريق في أرض الإسلام لأخذ مال أو منع سلوك غير مظهر الخروج عن الذمة فلا يسترق ويحكم فيه بحكم الإسلام في المحارب من قتل أو صلب أو قطع من خلاف أو نفي ، ولا يعارض ما تقدم من نقض عهده بقتاله المسلمين لأن ذلك فيمن أظهره ، وهذا فيمن تلصص .




الخدمات العلمية