الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الحكم الثاني عشر : بقاء الإحرام بعد الموت ، وأنه لا ينقطع به ، وهذا مذهب عثمان ، وعلي ، وابن عباس ، وغيرهم - رضي الله عنهم - ، وبه قال أحمد ، والشافعي ، وإسحاق ، وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والأوزاعي : ينقطع الإحرام بالموت ، ويصنع به كما يصنع بالحلال ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث ".

قالوا : ولا دليل في حديث الذي وقصته راحلته ؛ لأنه خاص به ، كما قالوا في صلاته على النجاشي : إنها مختصة به .

[ ص: 227 ] قال الجمهور : دعوى التخصيص على خلاف الأصل ، فلا تقبل ، وقوله في الحديث : " فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا " ، إشارة إلى العلة . فلو كان مختصا به لم يشر إلى العلة ، ولا سيما إن قيل : لا يصح التعليل بالعلة القاصرة . وقد قال نظير هذا في شهداء أحد ، فقال : " زملوهم في ثيابهم ، بكلومهم ، فإنهم يبعثون يوم القيامة اللون لون الدم ، والريح ريح المسك " . وهذا غير مختص بهم وهو نظير قوله : " كفنوه في ثوبيه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا " ولم تقولوا : إن هذا خاص بشهداء أحد فقط ، بل عديتم الحكم إلى سائر الشهداء مع إمكان ما ذكرتم من التخصيص فيه . وما الفرق ؟ وشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموضعين واحدة ، وأيضا : فإن هذا الحديث موافق لأصول الشرع والحكمة التي رتب عليها المعاد ، فإن العبد يبعث على ما مات عليه ، ومن مات على حالة بعث عليها فلو لم يرد هذا الحديث ، لكانت أصول الشرع شاهدة به . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية