الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا

                                                                                                                                                                                                                                      واذكر في الكتاب مستأنف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بذكر قصة مريم إثر قصة زكريا لما بينهما من كمال الاشتباك، والمراد بالكتاب: السورة الكريمة، لا القرآن. إذ هي التي صدرت بقصة زكريا المستتبعة لذكر قصتها، وقصص الأنبياء المذكورين فيها، أي: واذكر للناس. مريم أي: نبأها فإن الذكر لا يتعلق بالأعيان، وقوله تعالى: إذ انتبذت ظرف لذلك المضاف لكن لا على أن يكون المأمور به ذكر نبذها عند انتباذها فقط، بل كل ما عطف عليه. وحكي بعده بطريق الاستئناف داخل في حيز الظرف متمم للنبأ، وقيل: بدل اشتمال من مريم على أن المراد بها: نبؤها. فإن الظروف مشتملة على ما فيها، وقيل: بدل الكل على أن المراد بالظرف ما وقع فيه، وقيل: إذ بمعنى أن المصدرية، كما في قولك: أكرمتك إذ لم تكرمني، أي: لأن لم تكرمني فهو بدل اشتمال لا محالة، وقوله تعالى: من أهلها متعلق بـ "انتبذت" وقوله: مكانا شرقيا مفعول له باعتبار ما في ضمنه من معنى الإتيان المترتب وجودا واعتبارا على أصل معناه العامل في الجار والمجرور، وهو السر في تأخيره عنه، أي: اعتزلت، وانفردت منهم، وأتت مكانا شرقيا من بيت المقدس، أو من دارها لتتخلى هنالك للعبادة. وقيل: قعدت مشرقة لتغتسل من الحيض محتجبة بحائط، أو بشيء يسترها، وذلك قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية