الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                1335 [ ص: 145 ] ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فكانت هذه الآثار المروية عن رسول الله - عليه السلام - في التكبير في كل خفض ورفع أظهر من حديث عبد الرحمن بن أبزى، ، وأكثر تواترا، وقد عمل بها من بعد رسول الله - عليه السلام - أبو بكر وعمر وعلي -رضوان الله عليهم- وتواتر بها العمل إلى يومنا هذا، لا ينكر ذلك منكر، ولا يدفعه دافع، ثم النظر يشهد له أيضا، وذلك أنا رأينا الدخول في الصلاة يكون بالتكبير، ثم الخروج من الركوع والسجود يكونان أيضا بالتكبير، وكذلك القيام من القعود يكون أيضا بالتكبير، فكان ما ذكرنا من تغير الأحوال من حال إلى حال قد أجمع أن فيه تكبيرا، فكان النظر على ذلك أيضا أن يكون تغير الأحوال أيضا من القيام إلى الركوع وإلى السجود فيه أيضا تكبير; قياسا على ما ذكرنا من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد -رحمهم الله-.

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بالآثار المرويه: الأحاديث التي أخرجها عن عبد الله بن مسعود وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك - رضي الله عنهم - وأشار إلى ترجيحها على حديث عبد الرحمن بن أبزى الذي احتج به أهل المقالة الأولى بأوجه أربعة:

                                                الأول: أن هذه أظهر من حديث ابن أبزى في صحة الأسانيد وإتقان الرواة، وأنها أكثر تواترا وأشد اشتهارا بين الخاصة والعامة، وقد عرف أن من جملة أسباب الترجيح كثرة عدد الرواة وشهرة المروي، حتى إذا كان أحد الخبرين يرويه واحد والآخر يرويه اثنان، فالذي يرويه اثنان أولى بالعمل به، واستدلوا على ذلك بمسألة كتاب الاستحسان في الخبر بطهارة الماء ونجاسته، وحل الطعام وحرمته، أنه إذا كان المخبر بأحد الأمرين اثنين، وبالآخر واحدا، فإنه يؤخذ بخبر الاثنين; وهذا لأن خبر المثنى حجة تامة في باب الشهادات، بخلاف خبر الواحد، فطمأنينة القلب إلى خبر المثنى أكثر، وقد اشتهر عن الصحابة - رضي الله عنهم - الاعتماد على خبر المثنى دون الواحد.

                                                [ ص: 146 ] الثاني: أنه قد عمل بهذه الآثار من بعد رسول الله - عليه السلام - أبو بكر وعمر وعلي - رضي الله عنهم - وكفى بهم قدوة، وكذلك عمل بها غيرهم من الصحابة مثل عثمان -كما وقع في رواية ابن أبي شيبة- وأبي هريرة وأنس وأبي موسى الأشعري وأبي مسعود البدري وعبد الله بن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم -.

                                                الثالث: أنه قد تواتر بها العمل إلى يومنا هذا من غير نكير منكر، ولا رد راد، فصار كالإجماع.

                                                الرابع: أنه يشهد له النظر والقياس، بيانه: أن الدخول في الصلاة يكون بالتكبير وكذلك الخروج من الركوع والسجود والقيام من القعود، فكل ذلك بالتكبير بلا خلاف فيه; فكان النظر والقياس على ذلك أن تكون بالتكبير أيضا حالة الانتقال من القيام إلى الركوع وإلى السجود، والجامع: وجود تغير الأحوال من حال إلى حال في كل واحدة من هذه الحالات.




                                                الخدمات العلمية