الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2497 - حدثنا موسى بن عبد الله أبو طلحة قال : أخبرنا بكر بن [ ص: 457 ] سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عروة ، عن أبيه قال : قلت لعبد الله بن عمرو : ما أكثر ما رأيت قريشـا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته ؟ قال : قد حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا ، فقالوا : ما رأينا مثل صبرنا من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم ، فبينا هم كذلك إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، فلما أن مر بهم غمزوه فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجهه ، فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها ، ثم قال : " تسمعون يا معشر قريش ، والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح " قال : فأخذت القوم كآبة حتى ما منهم رجل إلا على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه قبل ذلك ليلقاه بأحسن ما يجد من القول إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان من الغد اجتمعوا وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه حتى إذا أتاكم بما تكرهون تركتموه ، فبينا هم كذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : قوموا إليه وثبة رجل واحد ، فما زالوا يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا لما بلغهم من عيب آلهتهم قال : فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم أنا الذي [ ص: 458 ] أقول ذلك " قال : فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بجامع ردائه قال : وقام أبو بكر دونه وهو يبكي يقول : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، ثم انصرفوا عنه فكان ذلك أشد ما رأيت قريشـا بلغت منه قط صلى الله عليه وسلم .

آخر الثالث والعشرين ، وأول الرابع والعشرين ، والحمد لله كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية