الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1141 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار ) . متفق عليه .

التالي السابق


1141 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما يخشى ) : الهمزة للاستفهام ، و " ما " نافية ( الذي يرفع رأسه قبل الإمام ) أي : من الركوع أو السجود مثلا ( أن يحول الله ) أي : من أن يبدل ويغير ( رأسه رأس حمار ) : يعني يجعله بليدا كالحمار الذي هو أبلد الحيوانات ، فيكون مسخا معنويا مجازيا ، لكن يأباه التخصيص بالرأس ، ويجوز الحمل على الحقيقة ، فإن المسخ في هذه الأمة جائز كما ذكر في باب أشراط الساعة ، كذا ذكره بعض علمائنا ، ويؤيده ما في رواية أن يحول الله صورته صورة حمار ، وقال الأشرف : أي يجعله بليدا وإلا فالمسخ غير جائز في هذه الأمة ، وقد سبق عن الخطابي جواز المسخ في هذه الأمة ، فيجوز الحمل على الحقيقة كذا ذكره الطيبي ، وقال ابن حجر : يحتمل أن يكون على حقيقته ، فيكون ذلك مسخا خاصا ، والممتنع المسخ العام كما صرحت به الأحاديث الصحاح ، وأن يكون مجازا عن البلادة ، ويؤيد الأول ما حكي عن بعض المحدثين أنه رحل إلى دمشق لأخذ الحديث عن شيخ مشهور بها ، فقرأ عليه جملة ، لكنه كان يجعل بينه وبينه حجابا ولم ير وجهه ، فلما طالت ملازمته له رأى حرصه على الحديث كشف له الستر ، فرأى وجهه وجه حمار فقال له : احذر يا بني أن تسبق الإمام ، فإني لما مر بي في الحديث استبعدت وقوعه فسبقت الإمام فصار وجهي كما ترى اهـ .

أقول : ولعل وجه المسخ استبعاد وقوعه ، وإلا فالواقع بخلافه في مخالفة الناس إمامهم في المسابقة ، والأظهر أن هذا تهديد شديد ووعيد أكيد ، ويكون حقيقته في البرزخ أو في النار ، ويمكن أن يقال المسخ معلق على عدم الخشية المقارنة مع المخالفة ، لا على مجرد عدم المتابعة ، فيندفع به قول ابن دقيق العيد يرجح التجوز أن التحويل الظاهر لم يقع مع كثرة رفع المأمومين قبل الإمام . ( متفق عليه ) : قال ميرك : ورواه أبو داود ، والترمذي .




الخدمات العلمية