الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الشرط السادس : موافقة مذهب المأموم في الواجبات ، قال ابن القاسم في [ ص: 248 ] العتبية : لو علمت أن أحدا يترك القراءة في الأخيرتين لم أصل خلفه ، وقال أشهب : عند ابن سحنون من صلى خلف من لا يرى الوضوء من الذكر لا شيء عليه ، بخلاف القبلة يعيد أبدا ، وقال سحنون : يعيد فيهما في الوقت . قال صاحب الطراز : وتحقيق ذلك أنه متى تحقق فعله للشرائط جاز الائتمام به ، وإن كان لا يعتقد وجوبها وإلا لم تجز فالشافعي يمسح جميع رأسه سنة فلا يضر اعتقاده ، بخلاف ما لو أم في الفريضة بنية النافلة أو يمسح رجليه . قال المازري : قد حكى الإجماع في الصلاة خلف المخالف في المذهب ، وإنما يمتنع فيما علم خطؤه كنقض قضاء القاضي ، قال : ويدل على ذلك تفرقة أشهب بين القبلة ومس الذكر .

                                                                                                                الشرط السابع : اتفاقهما في المقتدى فيه ، ودليل هذا الشرط ما تقدم في البلوغ ، وفيه فروع خمسة :

                                                                                                                الأول : قال في الكتاب : إذا ظنه في العصر وهو في الظهر فسدت صلاة المأموم ، وهو قول ح وأحد قولي ابن حنبل خلافا ش ، قال ابن القاسم في العتبية : إذا علم في أثناء الصلاة في ركعة شفعها أو اثنتين سلم أو ثلاث كملها وأعاد .

                                                                                                                الثاني : قال صاحب الطراز : لا يجوز أن يؤم به في قضاء من يومين ، ومن يوم يجوز ، وقال : قال عيسى : تصح مطلقا ; لأن الفوائت وقتها واحد وظهر اليوم مساو لظهر أمس ، وإنما وقع الخلاف في الأوقات .

                                                                                                                الثالث : قال في الكتاب : من أحرم بالجمعة ظانا يوم الجمعة والإمام [ ص: 249 ] في الظهر أجزأت ، قال ابن القاسم : والعكس يعيد ; لافتقار الجمعة إلى نية تخصها خلافا ش ، وقال أشهب في المجموعة : يعيد فيهما ، وحكى اللخمي عن مالك لا يعيد فيها . والفرق للمذهب من وجوه أحدها : أنها تجزئ عن الظهر لمن لا تجب عليه الجمعة ، وثانيها : أن من أحرم بنية الجمعة في سجود الأخيرة صلى به الظهر ، وثالثها : أن للجمعة شعارا عظيما لا يعذر الإنسان بسببها إذا ادعى جهلها ، بخلاف غيرها .

                                                                                                                الرابع : إذا أحرم بما أحرم به إمامه ، قال صاحب الطراز : قال أشهب : تجزيه ، وللشافعية قولان ، ومعتمد الجواز ما جاء عن علي - رضي الله عنه - في الحج أنه أحرم بما أحرم به عليه السلام ، وصححه النبي - عليه السلام - وهو مشكل فإن الحج لا يفتقر إلى تعيين نية ، بل إذا أطلق انصرف إلى المفروض إجماعا ، ولا يجزي ذلك في الصلاة إجماعا ، والحج باب ضرورة .

                                                                                                                الخامس : في الجواهر لا يقتدي مسافر بمقيم ، فإن اقتدى به وقلنا القصر فرض فلا يجوز ، وقيل يجوز ، وإن قلنا سنة فروى ابن القاسم المنع ، وأبو إسحاق الجواز تسوية بين فضيلة الجماعة وفضيلة القصر ، وإن قلنا بالتخيير فالإتمام مع المقيم أولى من القصر منفردا ، وحكم الصلاة بعد الاقتداء يتنزل على الخلاف المتقدم ، فإن قلنا القصر فرض ، قال القاضي أبو محمد وبعض المتأخرين : تبطل ، وقال بعضهم : لا تبطل لاحتمال الانتقال كالعيد في الجمعة ، وقيل يقتدى به في الركعتين خاصة ، واختلف هل يسلم أو ينتظره ويسلم معه ؟ وإن قلنا سنة لم يعد عند ابن القاسم ، وروى أشهب ومطرف الإعادة في الوقت إلا أن يكون في الحي أو مساجد الأمصار الكبار هذا إذا علم أنه مقيم ، فإن جهل ذلك [ ص: 250 ] ثم علم ، قال سحنون : تجزيه ، وأما ائتمام المقيم بالمسافر ، قال ابن حبيب : هو أخف في الكراهة من الأولى واتفقت الروايات عن مالك أن أحد الفريقين لا يؤم بالآخر إلا في مساجد الجماعات والأمراء .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية