الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فسخرنا له الريح الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، وابن المنذر ، وابن عساكر عن صالح بن مسمار قال : بلغني أنه لما مات داود أوحى الله إلى سليمان عليه السلام أن سلني حاجتك . قال : أسألك أن تجعل قلبي يخشاك كما كان قلب أبي، وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي، فقال الله : أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته، فكانت حاجته أن أجعل قلبه يخشاني، وأن أجعل قلبه يحبني، [ ص: 592 ] لأهبن له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده . قال الله : فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب والتي بعدها فأعطاه ما أعطاه، وفي الآخرة لا حساب عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فسخرنا له الريح الآية . قال : لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن الحسن قال : لما عقر سليمان الخيل أبدله الله خيرا منها، وأسرع الريح تجري بأمره كيف يشاء، رخاء قال : ليست بالعاصف ولا باللينة، بين ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن الحسن : رخاء قال : لها هملجة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : تجري بأمره رخاء قال : مطيعة له، حيث أصاب قال : حيث أراد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن الضحاك في قوله : [ ص: 593 ] رخاء حيث أصاب قال : مطيعات له حيث شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : رخاء قال : طيبة، حيث أصاب قال : حيث شاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة في قوله : رخاء قال : اللينة حيث أصاب قال : حيث أراد، والشياطين كل بناء قال : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل، وغواص قال : يستخرجون له الحلي من البحر، وآخرين مقرنين في الأصفاد . قال : مردة الشياطين في الأغلال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : رخاء قال : طيبة، والشياطين كل بناء وغواص قال : يغوص للحلية و : بناء بنوا لسليمان قصرا على الماء، فقال : اهدموه من غير أن تمسه الأيدي، فرموه بالقذفات حتى وضعوه فبقيت لنا منفعته بعدهم، فكان من عمل الجن بقيت لنا منفعته السياط؛ كان يضرب الجن بالخشب، فيكسر أيديها وأرجلها، فقالوا : هل لك توجعنا ولا تكسرنا؟ قال : نعم، فدلوه على السياط ورخاء الماء والتمويه؛ أمر الجن فموهت [ ص: 594 ] على اللبن ثم أمر به فألقي على الأساطين تحت قوائم خيل بلقيس والقارورة؛ لما أخرج الأعور شيطان البحر حين أراد بناء بيت المقدس، قال الأعور : ابتغوا لي بيضة هدهد . ثم قال اجعلوا عليها قارورة . فجاء الهدهد فجعل يرى بيضته وهو لا يقدر عليها، ويطيف بها فانطلق فجاء بماسة مثل هذه تصف المحطب فوضعها على القارورة فانشقت فشق بيت المقدس بتلك الماسة والقذافة، والغوص والنورة؛ وكان في البحر كنز، فدلوا عليه سليمان وزعموا أن سليمان يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين سنة؛ لما أعطي من الملك في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : هذا عطاؤنا قال : كل هذا أعطاه إياه بعد رد الخاتم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فامنن قال : أعتق من الجن من شئت أو أمسك . منهم من شئت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : هذا عطاؤنا الآية . قال : قال الحسن : الملك الذي أعطيناك، فأعط ما شئت، وامنع ما [ ص: 595 ] شئت فليس لك تبعة ولا حساب . وقال قتادة : هؤلاء الشياطين احبس ما شئت منهم في وثاقك هذا وفي عذابك، وسرح من شئت منهم، فاتخذ عندهم يدا، اصنع ما شئت لا حساب عليك في ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فامنن أو أمسك بغير حساب قال : بغير حرج، إن شئت أمسكت وإن شئت أعطيت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : ما أعطيت أو أمسكت فليس عليك فيه حساب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : ما من نعمة أنعم الله على عبد إلا وقد سأله فيها الشكر إلا سليمان بن داود، قال الله لسليمان هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : إن الله لم يعط أحدا عطية عليها حسابا إلا سليمان بن داود فإن الله أعطاه عطاء هنيئا فقال الله : هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب قال : إن أعطى أجر وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 596 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة في قوله : وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب أي : حسن مصير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح : وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب قال : الزلفى القرب، وحسن مآب قال : المرجع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية