الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4868 94 - حدثنا الفضل بن يعقوب ، حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا إسرائيل ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة ، ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : ( زفت امرأة ) لأنه من زففت العروس أزفها إذا أهديتها إلى زوجها .

                                                                                                                                                                                  والفضل بن يعقوب البغدادي مات في أول جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين ومائتين ، قاله الحافظ المنذري ، ومحمد بن سابق أبو جعفر التميمي البغدادي البزار أصله فارسي كان بالكوفة أحد مشايخ البخاري روى عنه هنا بالواسطة وروى عنه بلا واسطة في كتاب الوصايا فقط ، فقال حدثنا محمد بن سابق أو الفضل بن يعقوب عنه ، وروى مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن سابق مات سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، والحديث من أفراده .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( زفت امرأة ) معنى زفت مر الآن وقد تقدم في رواية أبي الشيخ أن المرأة كانت يتيمة في حجر عائشة رضي الله تعالى عنها ، وذكر ابن الأثير أن اسم هذه اليتيمة فارغة بنت أسعد بن زرارة ، وأن اسم زوجها نبيط بن جابر الأنصاري ، وقال أبو عمر : الفارغة بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة الأنصاري ، كان أبو لبابة أوصى بها وبأختيها حبيبة وكبشة بنات أبي أمامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيط بن جابر من بني مالك بن النجار وحبيبة تزوجها سهل بن حنيف فولدت له أبا أمامة ، وروى ابن ماجه من حديث ابن عباس : أنكحت عائشة قرابة لها ، وروى أبو الشيخ من حديث جابر أن عائشة زوجت بنت أختها أو ذات قرابة منها ، وفي أمالي المحاملي من وجه آخر عن جابر : نكح بعض أهل الأنصار بعض أهل عائشة فأهدتها إلى قباء ، والجمع بين هذه الروايات بالحمل على التعدد .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( ما كان معكم لهو ) وفي رواية شريك : " فقال فهل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني " الحديث ، قوله : ( فإن الأنصار يعجبهم اللهو ) في حديث ابن عباس وجابر قوم فيهم غزل ، وفي حديث جابر عند المحاملي : أدركيها يا زينب ، امرأة كانت تغني بالمدينة ، وفي التوضيح : اتفق العلماء على جواز اللهو في وليمة النكاح كضرب الدف وشبهه ، وخصت [ ص: 150 ] الوليمة بذلك ليظهر النكاح وينتشر فتثبت حقوقه وحرمته ، وقال مالك : لا بأس بالدف والكبر في الوليمة لأني أراه خفيفا ولا ينبغي ذلك في غير العرس . وسئل مالك عن اللهو يكون فيه البوق فقال : إن كان كبيرا مشتهرا فإني أكرهه وإن كان خفيفا فلا بأس بذلك . وقال أصبغ : ولا يجوز الغناء في العرس ولا في غيره إلا مثل ما يقول نساء الأنصار أو رجز خفيف . وأخرج النسائي من طريق عامر بن سعد عن قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاريين قالا : إنه رخص لنا في اللهو عند العرس ، الحديث ، وصححه الحاكم ، قلت : الكبر بفتحتين الطبل ذو الرأسين ، وقيل : الطبل الذي له وجه واحد ، والبوق بضم الباء الموحدة وسكون الواو وفي آخره قاف آلة ينفخ فيها ويجمع على بيقان وبوقان ، كذا قال في المغرب ، قلت : القياس أبواق ، وسئل أبو يوسف عن الدف أتكرهه في غير العرس مثل المرأة في منزلها والصبي ؟ قال : فلا أكرهه وأما الذي يجيء منه اللعب الفاحش والغناء فإني أكرهه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية