الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عدة حوادث

في هذه السنة استوزر جلال الدولة عميد الدولة أبا سعد بن عبد الرحيم ، ( وهي الوزارة الخامسة ، وكان قبله ) في الوزارة ابن ماكولا ، ففارقها وسار إلى عكبرا ، فرده جلال الدولة إلى الوزارة ، وعزل أبا سعد . فبقي أياما ، ثم فارقها إلى أوانا .

وفيها استخلف البساسيري ، في حماية الجانب الغربي ببغداذ لأن العيارين اشتد [ ص: 765 ] أمرهم وعظم فسادهم ، وعجز عنهم نواب السلطان ، فاستعملوا البساسيري لكفايته ونهضته .

[ الوفيات ]

وفيها توفي أبو سنان غريب بن محمد بن مقن في شهر ربيع الآخر ، في كرخ سامرا ، وكان يلقب سيف الدولة ، وكان قد ضرب دراهم سماها السيفية ، وقام بالأمر بعده ابنه أبو الريان ، وخلف خمسمائة ألف دينار وأمر فنودي : قد أحللت كل من لي عنده شيء فحللوني كذلك ، فحللوه ، وكان عمره سبعين سنة .

وفيها توفي بدران بن المقلد ، وقصد ولده عمه قرواشا ، فأقر عليه حاله وماله وولاية نصيبين ، وكان بنو نمير قد طمعوا فيها وحصروها ، فسار إليهم ابن بدران فدفعهم عنها .

وفيها توفي أرمانوس ملك الروم ، وملك بعده رجل صيرفي ليس من بيت الملك ، وإنما بنت قسطنطين اختارته .

[ تابع عدة حوادث ] وفيها كثرت الزلازل بمصر والشام ، وكان أكثرها بالرملة ، فإن أهلها فارقوا منازلهم عدة أيام ، وانهدم منها نحو ثلثها ، وهلك تحت الهدم خلق كثير .

وفيها كان بإفريقية مجاعة شديدة وغلاء .

وفيها قبض قرواش على البرجمي العيار وغرقه ، وكان سبب ذلك أن قرواشا قبض على ابن القلعي عامل عكبرا ، فحضر البرجمي العيار عند قرواش مخاطبا [ ص: 766 ] في أمره لمودة بينهما ، فأخذه قرواش وقبض عليه ، فبذل مالا كثيرا ليطلقه ، فلم يفعل وغرقه ، وكان هذا البرجمي قد عظم شأنه وزاد شره ، وكبس عدة مخازن بالجانب الشرقي ، وكبس دار المرتضى ، ودار ابن عديسة ، وهي مجاورة دار الوزير ، وثار العامة بالخطيب يوم الجمعة ، وقالوا : إما أن تخطب للبرجمي ، وإلا فلا تخطب لسلطان ولا غيره ، وأهلك الناس ببغداذ ، وحكاياته كثيرة ، وكان مع هذا فيه فتوة ، وله مروءة ، لم يعرض إلى امرأة ، ولا إلى من يستسلم إليه .

وفيها هبت ريح سود بنصيبين فقلعت من بساتينها كثيرا من الأشجار ، وكان في بعض البساتين قصر مبني بجص وآجر وكلس ، فقلعته من أصله .

وفيها كثر الموت بالخوانيق في كثير من بلاد العراق ، والشام ، والموصل ، وخوزستان ، وغيرها حتى كانت الدار يسد بابها لموت أهلها .

( وفيها ، في ذي القعدة ، انقض كوكب هال منظره الناس ، وبعده بليلتين انقض شهاب آخر أعظم منه كأنه البرق ملاصق الأرض ، وغلب على ضوء المشاعل ، ومكث طويلا حتى غاب أثره ) .

[ تابع الوفيات ]

وفيها توفي أبو العباس الأبيوردي ، الفقيه الشافعي ، قاضي البصرة ، وأبو بكر [ ص: 767 ] أحمد بن محمد ( بن غالب ) البرقاني ، المحدث ، الإمام المشهور ، وكانت وفاته في رجب .

والحسين بن عبد الله بن يحيى أبو علي البندنيجي الفقيه الشافعي ، وهو من أصحاب أبي حامد الإسفراييني .

وعبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد أبو الفرج التميمي الفقيه الحنبلي .

التالي السابق


الخدمات العلمية