الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والدفن بالمقبرة أفضل ) لكثرة الدعاء له بتكرير الزائرين والمارين ودفنه صلى الله عليه وسلم بحجرة عائشة لأن من خواص الأنبياء أنهم يدفنون حيث يموتون وإفتاء القفال بكراهة الدفن بالبيت ضعيف وبحث الأذرعي ندب غير المقبرة لنحو شبهة بأرضها أو ملوحة أو نداوة أو لنحو مبتدعة أو فسقة فسقا ظاهرا بها وندب دفن الشهيد بمحله أي ولو بقرب مكة ونحوها مما يأتي لأن { قتلى أحد نقلوا للمدينة فأمر صلى الله عليه وسلم بردهم لمضاجعهم فردوا إليها } صححه الترمذي ويحرم نقله للمقبرة إن أدى لانفجاره بل يظهر أنه لو خشي انفجاره من حمله عن محل موته وجب دفنه به إن أمكن ولو ملكه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإفتاء القفال بكراهة الدفن بالبيت ضعيف ) قال في شرح الروض على أن المشهور أنه خلاف الأولى لا مكروه ا هـ ويجاب بأن المكروه عند المتقدمين يصدق بخلاف الأولى لأن الفرق بينهما مما أحدثه المتأخرون كما تقرر في محله ( قوله لأن قتلى أحد إلخ ) قد يقال قضية هذا الدليل وجوب دفنه بمحله لا ندبه ( قوله فردوا إليها صححه الترمذي ) يؤخذ من هذا أنه لو نقل عن محله طلب رده إليه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( والدفن بالمقبرة إلخ ) ويسن الدفن في أفضل مقبرة بالبلد كالمقبرة المشهورة بالصالحين ولو قال بعض الورثة يدفن في ملكي أو في أرض التركة والباقون في المقبرة أجيب طالبها فإن دفنه بعض الورثة في أرض نفسه لم ينقل أو في أرض التركة فللباقين لا المشتري نقله والأولى تركه وله الخيار إن جهل والمدفن له إن بلي الميت أو نقل منه وإن تنازعوا في مقبرتين ولم يوص الميت بشيء قال ابن الأستاذ إن كان الميت رجلا أجيب المقدم في الصلاة والغسل فإن استووا أقرع وإن كان امرأة أجيب القريب دون الزوج وهذا كما قاله الأذرعي محله عند استواء التربتين وإلا فيجب أن ينظر إلى ما هو أصلح للميت فيجاب الداعي إليه كما لو كان إحداهما أقرب وأصلح أو مجاورة الأخيار والأخرى بالضد من ذلك بل لو اتفقوا على خلاف الأصلح منعهم الحاكم من ذلك لأجل الميت ولو كان المقبرة مغصوبة أو اشتراها ظالم بمال خبيث ثم سلبها أو كان أهلها أهل بدعة أو فسق أو كانت تربتها فاسدة لملوحة أو نحوها أو كان نقل الميت إليها يؤدي إلى انفجاره .

                                                                                                                              فالأفضل اجتنابها بل يجب في بعض ذلك كما هو ظاهر ولو مات شخص في سفينة وأمكن من هناك دفنه لكونهم قرب البر ولا مانع لزمهم التأخير ليدفنوه فيه وإلا جعل بين لوحين لئلا ينتفخ وألقي لينبذه البحر إلى من لعله يدفنه ولو ثقل بشيء لينزل إلى القرار لم يأثموا وإذا ألقوه بين لوحين أو في البحر وجب عليهم قبل ذلك غسله وتكفينه والصلاة عليه بلا خلاف ولا يجوز دفن مسلم في مقبرة الكفار ولا عكسه وإذا اختلطوا دفنوا في مقبرة مستقلة كما مر ومقبرة أهل الحرب إذا اندرست جاز أن تجعل مقبرة للمسلمين ومسجدا لأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك ولو حفر شخص قبرا في مقبرة لا يكون أحق به من ميت آخر يحضر لأنه لا يدري بأي أرض يموت لكن الأولى أن لا يزاحم عليه أي إذا مات وحضر ميت آخر ولم يدفن فيه أحد مغني ونهاية ( قوله وإفتاء القفال إلخ ) عبارة المغني والأسنى والنهاية وفي فتاوى القفال أن الدفن بالبيت مكروه قال الأذرعي إلا أن تدعو إليه حاجة أو مصلحة على أن المشهور أنه خلاف الأولى لا مكروه ا هـ قال سم ويجاب بأن المكروه عند المتقدمين يصدق بخلاف الأولى لأن الفرق بينهما مما أحدثه المتأخرون كما تقرر في محله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لنحو شبهة إلخ ) أي شبهة غصب وادخل بالنحو كون ثمنها خبيثا ( قوله أو لنحو مبتدعة إلخ ) أي كظلمة ولعل العبرة بغالب أهل المقبرة كما يفيده قول النهاية والمغني أو كان أهلها أهل بدعة إلخ ( قوله وندب إلخ ) عطف على ندب غير المقبرة ( قوله لأن قتلى أحد إلخ ) قد يقال قضية هذا الدليل وجوب دفنه بمحله لا ندبه سم أي إلا أن يثبت ما يصرفه عن الوجوب ( قوله ويحرم نقله ) أي نقل الميت مطلقا نهاية ومغني ( قوله ولو ملكه ) لعل المناسب ملك غيره




                                                                                                                              الخدمات العلمية