الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " والعرايا من العنب كهي من التمر ، لا يختلفان : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الخرص في ثمرتهما ولا حائل دون الإحاطة بهما " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . العرية جائزة في الكرم بجوازها في النخل ، لكن اختلف أصحابنا هل جازت في الكرم نصا أو قياسا على وجهين : أحدهما : وهو قول البصريين أنها جازت في الكرم نصا مرويا عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في العرايا والعرايا بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول ابن أبي هريرة ، وطائفة من البغداديين ، أنها جازت في الكرم قياسا على النخل : لبروز ثمرتها وإمكان الخرص فيهم ، وتعلق الزكاة بهما .

                                                                                                                                            ثم يعتبر في بيع الزبيب بالعنب الشروط المعتبرة في بيع التمر بالرطب ، فأما العرايا في سائر الثمار كالتفاح والمشمش والإجاص والخوخ ، فمذهب الشافعي أنها غير جائزة . وقال الشافعي في كتاب البيوع الكبير في " الأم " : ولو قال قائل : يجوز التحري فيها كان مذهبا . وكان بعض أصحابنا لأجل هذا الكلام يخرج ذلك على قولين ، وامتنع سائرهم من تحريم القولين ، وأبطلوا العرية فيما سوى النخل والكرم قولا واحدا لمباينة النخل والكرم ما سواهما من الأشجار من بروز الثمرة ، وإمكان الخرص ، ووجوب الزكاة وحصول الاقتيات ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية