الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثانية

[ الماء المتغير ]

الماء الذي خالطه زعفران أو غيره من الأشياء الطاهرة التي تنفك منه غالبا متى غيرت أحد أوصافه ، فإنه طاهر عند جميع العلماء غير مطهر عند مالك والشافعي ، ومطهر عند أبي حنيفة ما لم يكن التغير عن طبخ .

وسبب اختلافهم هو خفاء تناول اسم الماء المطلق للماء الذي خالطه أمثال هذه الأشياء ، ( أعني : هل يتناوله أو لا يتناوله ؟ ) فمن رأى أنه لا يتناوله اسم الماء المطلق ، وإنما يضاف إلى الشيء الذي خالطه فيقال : ماء كذا لا ماء مطلق - لم يجز الوضوء به ، إذ كان الوضوء إنما يكون بالماء المطلق ، ومن رأى أنه يتناوله اسم الماء المطلق أجاز به الوضوء ، ولظهور عدم تناول اسم الماء للماء المطبوخ مع شيء طاهر اتفقوا على أنه لا يجوز الوضوء به ، وكذلك في مياه النبات المستخرجة منه إلا ما في كتاب ابن شعبان من إجازة طهر الجمعة بماء الورد .

والحق أن الاختلاط يختلف بالكثرة والقلة ، فقد يبلغ من الكثرة إلى حد لا يتناوله اسم الماء المطلق مثل ما يقال ماء الغسل ، وقد لا يبلغ إلى ذلك الحد ، وبخاصة متى تغيرت منه الريح فقط ، ولذلك لم يعتبر الريح قوم ممن منعوا الماء المضاف ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - لأم عطية عند أمره إياها بغسل ابنته : " اغسلنها بماء وسدر واجعلن في الأخيرة كافورا أو شيئا من كافور " فهذا ماء مختلط ولكنه لم يبلغ من الاختلاط بحيث يسلب عنه اسم الماء المطلق ، وقد روي عن مالك اعتبار الكثرة في المخالطة والقلة والفرق بينهما ، فأجازه مع القلة وإن ظهرت الأوصاف ، ولم يجزه مع الكثرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية