الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه كان يقول للبكر سبع وللثيب ثلاث قال مالك وذلك الأمر عندنا .

                                                                                                          قال مالك فإن كانت له امرأة غير التي تزوج فإنه يقسم بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج بالسواء ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1124 1104 - ( مالك عن حميد ) بن أبي حميد البصري ( الطويل ) لطول يديه أو لأنه كان له جار يقال له حميد القصير فقيل لهذا الطويل للفرق بينهما ، مات وهو قائم يصلي سنة اثنين ، ويقال : ثلاث وأربعين ومائة وله خمس وسبعون سنة .

                                                                                                          ( عن أنس بن مالك أنه كان يقول : للبكر سبع وللثيب ثلاث ) قال ابن العربي : هذا لا يقتضيه قياس إذ لا نظير له ، يشبه به ، ولا أصل يرجع إليه ، والعلماء يقولون : حكمة ذلك النظر إلى تحصيل الألفة والمؤانسة وأن يستوفي الزوج لذته فإن لكل جديد لذة ، ولما كانت البكر حديثة عهد بالرجل وحديثة بالاستصعاب والنفار لا تلين إلا بجهد شرعت لها الزيادة على الثيب لأنه ينفي نفارها ويسكن روعها ، بخلاف الثيب فإنها مارست الرجال فإنما يحتاج مع هذا الحدث دون ما تحتاج إليه البكر ، قال : وهذه حكمة ، والدليل إنما هو قول الشارع وفعله . انتهى . وهذا الحديث موقوف .

                                                                                                          وفي الصحيحين عن خالد عن أبي قلابة عن أنس : " إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم ، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم " قال أبو قلابة : ولو شئت فقلت إن أنسا رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لصدقت ولكنه السنة .

                                                                                                          ورواه الإسماعيلي من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره مصرحا برفعه ، واختلف هل ذلك حق للزوج على بقية نسائه لحاجته باللذة بهذه الجديدة فجعل له ذلك زيادة في التمتع ؟ أو حق للمرأة لقوله " للبكر وللثيب " بلام التمليك ؟ روايتان عن مالك ، وحكى ابن القصار أنه لهما جميعا ، وعلى أنه حق للمرأة ففي القضاء به على الزوج رواية ابن القاسم ، وعدم القضاء رواية عبد الحكم كالمتعة ، ثم اختلف هل هو حق لها سواء كانت عنده زوجة أخرى أم لا للحديث فإنه لم يفصل ونسبه أبو عمر لأكثر العلماء ، وقال غيره : إنما الحديث فيمن له زوجة غير هذه لأن من لا زوجة له مقيم مع هذه غير مفارق لها ، وهذا من المعروف المأمور به في قوله تعالى : وعاشروهن بالمعروف [ سورة النساء : الآية 19 ] [ ص: 206 ] وهو الظاهر لقوله في الحديث : " إذا تزوج البكر على الثيب وإذا تزوج الثيب على البكر " وقد قال ابن العربي : القول بأن ذلك لها وإن لم يكن له زوجة لا معنى له ولا يتصور ولا يلتفت إليه .

                                                                                                          ( قال مالك : وذلك ) المروي بالفرق بين الثيب والبكر ( الأمر ) المعمول به ( عندنا ) بالمدينة وبه قال أكثر العلماء خلافا لأهل الرأي والحكم ، وحماد في أن البكر والثيب في القسم سواء ، والطارئة مع من عنده سواء فما جلس عند الطارئة حاسبها به وجلس عند أزواجه مثله ، وخلافا لقول ابن المسيب والحسن والأوزاعي : يقيم عند البكر سبعا والثيب أربعا فإذا تزوج بكرا على ثيب مكث ثلاثا وإذا تزوج ثيبا على بكر مكث يومين ، قال عياض : والسنة تخالف الجميع .

                                                                                                          ( فإن كانت له الذي تزوج فإنه يقسم بينهما بعد أن تمضي أيام التي تزوج بالسواء ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها ) وبهذا قال الجمهور ، خلافا لأبي حنيفة في قوله يحاسبها لأن العدل واجب ابتداء ودواما للظواهر الآمرة بالعدل ، والحديث يرد عليه لأن اللام في " للبكر وللثيب " للملك وملك الإنسان لا يحاسبه به ، وأيضا لو حوسبت لم يبق للفرق بين البكر والثيب وجه ، ولا فرق بين السبع والثلاث وبين سائر الأعداد إذا كان القضاء واجبا في الجميع قاله المازري .




                                                                                                          الخدمات العلمية