الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية السادسة قوله تعالى : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى } .

                                                                                                                                                                                                              وهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحق غير الأول ، وسمى الآية الثالثة آية الغنيمة ، ولا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحق آخر ، بيد أن الآية الأولى والثانية اشتركتا في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله ، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال ، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال ، وعريت الآية الثالثة وهي قوله : { ما أفاء [ ص: 181 ] الله على رسوله من أهل القرى } عن ذكر حصوله لقتال أو لغير قتال ; فنشأ الخلاف من هاهنا ، فمن طائفة قالت : هي ملحقة بالأولى ، وهو مال الصلح كله ونحوه . ومن طائفة قالت : هي ملحقة بالثانية ; وهي آية الأنفال .

                                                                                                                                                                                                              والذين قالوا : إنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا : هل هي منسوخة كما تقدم أو محكمة ؟ وإلحاقها بشهادة الله بالأولى أولى ; لأن فيه تجديد فائدة ومعنى . ومعلوم أن حمل الحرب على فائدة مجددة أولى من حمله على فائدة معادة . وهذا القول ينظم لك شتات الرأي ، ويحكم المعنى من كل وجه ; وإذا انتهى الكلام إلى هذا القدر فيقول مالك : إن الآية الثانية في بني قريظة إشارة إلى أن معناها يعود إلى آية الأنفال ويلحقها النسخ ، وهو أقوى من القول بالإحكام ، ونحن لا نختار إلا ما قسمنا وبينا أن الآية الثانية لها معنى مجدد حسبما دللنا عليه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية