الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والذين اجتنبوا الطاغوت الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 642 ] أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله : والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها قال : نزلت هاتان الآيتان في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله، في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : كان سعيد بن زيد وأبو ذر وسلمان يتبعون في الجاهلية أحسن القول والكلام؛ لا إله إلا الله، قالوا بها فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : يستمعون القول فيتبعون أحسنه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الطاغوت الشيطان هو ههنا واحد وهي جماعة، مثل قوله : يا أيها الإنسان ما غرك [الانفطار : 6] قال : هي للناس كلهم، الذين قال لهم الناس [آل عمران : 173] إنما هو واحد،

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد : والذين اجتنبوا الطاغوت قال : الشيطان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن قتادة : وأنابوا إلى الله لهم البشرى قال : أقبلوا إلى الله، فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه قال : أحسنه طاعة الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن الضحاك في قوله : [ ص: 643 ] فيتبعون أحسنه قال : ما أمر الله تعالى النبيين من الطاعة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور عن الكلبي في قوله : الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه قال : هو الرجل الذي يقعد إلى المحدث فيقوم بأحسن ما سمع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب قال : لولا ثلاث لسرني أن أكون قد مت، لولا أن أضع جبيني لله وأجالس قوما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقطون طيب الثمر، والسير في سبيل الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج جويبر، عن جابر بن عبد الله قال : لما نزلت : لها سبعة أبواب الآية، أتى رجل من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إن لي سبعة مماليك وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا، فنزلت هذه الآية فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت : فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، فاستقبل عمر الرسول فرده فقال : يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو يعلم الناس قدر رحمة الله لاتكلوا، ولو يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 644 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية