الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ ص: 281 ] ( لا ) خيار ( بخلف الظن ) ( كالقرع ) وهو عدم نبات الشعر لعلة من قوم ذوي شعر ( والسواد من ) قوم ( بيض و ) لا في ( نتن الفم ) وهو البخر ، ولا نتن الأنف وهي الخشماء خلافا للخمي فيهما قياسا منه على نتن الفرج ( و ) لا في ( الثيوبة ) سواء كانت بنكاح أم لا حيث ظنها بكرا فهذا من أمثلة تخلف الظن ( إلا أن يقول ) أتزوجها على شرط أنها ( عذراء ) فتوجد ثيبا فله الخيار ( وفي ) الخيار بشرط ( بكر ) فيجدها ثيبا بغير نكاح وعدمه ( تردد ) محله ما لم يجر عرف بمساواة البكر للعذراء كما هو عندنا بمصر وما يعلم وليها بثيوبتها عند شرط الزوج أو وكيله وإلا فله الرد قطعا ( وإلا ) ( تزوج الحر الأمة ) يظنها حرة فتخلف ظنه فله ردها ( و ) تزوج ( الحرة ) ، ولو دنيئة ( العبد ) تظنه حرا فلها الرد وهذا الاستثناء معطوف على الاستثناء قبله لكن الأول منقطع ( بخلاف ) ( العبد مع الأمة ) يظن أحدهما حرية الآخر ( والمسلم مع النصرانية ) يظنها مسلمة أو عكسه فتبين خلاف ظنه فلا لاستوائهما رقا وحرية ( إلا أن يغرا ) بأن يقول الرقيق أنا حر والنصرانية أنا مسلمة وعكسه ، ولا يكون الزوج بذلك مرتدا فالخيار في الأربع صور .

التالي السابق


( قوله : لا بخلف الظن ) أي لا بتخلف الأمر المظنون ، كما إذا تزوج بامرأة من قوم ذوي شعر فظنها أنها مثلهم فتخلف ظنه بأن وجدها قرعاء وهذا عطف على قوله ببرص أو على معنى أن شرط السلامة والأصل وبغيرها بشرط السلامة لا بخلف الظن وهذا تصريح بمفهوم الشرط صرح به ليرتب عليه ما بعده .

( قوله : من قوم ) راجع لقوله كالفرع وهو متعلق بمحذوف أي كالقرع لمن تزوجها من قوم إلخ ، وكذا يقال في قول المصنف والسواد من قوم بيض .

( قوله : فتوجد ثيبا فله الخيار ) أي لأن العذراء هي التي لم تزل بكارتها .

( قوله : وفي بكر . . . إلخ ) البكر عند الفقهاء هي التي لم توطأ بعقد صحيح أو فاسد جار مجرى الصحيح ، وأما العذراء فهي التي لم تزل بكارتها بمزيل فلو أزيلت بكارتها بزنا أو بوثبة أو بنكاح لا يقران عليه فهي بكر فهي أعم من العذراء وقيل : البكر مرادفة للعذراء فهي التي لم تزل بكارتها أصلا وعلى ذلك الخلاف وقع التردد الذي ذكره المصنف .

( قوله : فيجدها ثيبا بغير نكاح ) وأما لو وجدها ثيبا بنكاح فترد قولا واحدا كما نقله ابن عرفة عن المتيطي وابن فتحون ا هـ بن .

( قوله : تردد ) الأول لابن العطار مع بعض الموثقين بناء على أن البكر مرادفة للعذراء وأنها التي لم تزل بكارتها أصلا والثاني لأبي بكر بن عبد الرحمن وصوبه بعض الموثقين بناء على أن البكر هي التي لم تزل بكارتها بنكاح صحيح أو فاسد جار مجراه .

( قوله : محله ما لم يجر إلخ ) أي ومحله أيضا إذا اتفقت مع الزوج على أنها الآن غير بكر فإن ادعت أنها بكر وادعى هو عدمها فالقول لها في وجودها ولا ينظرها النساء جبرا عليها ، فإن مكنت من نفسها امرأتين فإن شهدتا بثيوبتها كان القول قوله دونها ، وإن شهدتا ببكارتها كان القول قولها دونه .

( قوله لكن الأولى منقطع ) أي لعدم دخول ما بعد إلا فيما قبلها ; لأن ما قبلها تخلف فيه الظن وما بعدها تخلف فيه الشرط وهذا أي اشتراط كونها عذراء فتوجد ثيبا ليس داخلا فيما قبله وهو ما إذا ظن أنها بكر فوجدها ثيبا فما قبل إلا تخلف في الظن وما بعدها تخلف فيه الشرط .

( قوله : أو عكسه ) أي تظنه نصرانيا ، وقوله : فلا أي ليس لأحدهما رد الآخر وقوله : لاستوائهما رقا أي بالنسبة لمسألة العبد مع الأمة وقوله : وحرية أي في مسألة المسلم مع النصرانية .

( قوله : إلا أن يغرا ) بالبناء للمفعول ونائب الفاعل ضمير المغرورين أو للفاعل وهو ضمير الغارين وعلى كل يشمل الغرور من الجانبين فالاستثناء راجع للفروع الأربعة المشتمل عليها قوله : بخلاف العبد إلخ لصدقه على غروره لها وغرورها له ، وكذا المسلم مع النصرانية .

( قوله : بأن يقول الرقيق ) أي سواء كان هو الزوج الذي هو العبد أو المرأة التي هي الأمة .

( قوله : وعكسه ) أي بأن يقول المسلم للنصرانية : إنه نصراني فتبين أنه مسلم .

( قوله : ولا يكون الزوج بذلك مرتدا ) أي خلافا لما في البدر القرافي من ردته بذلك ، ووجه ما قاله الشارح أن قرينة الحال وهي التوصل لغرضه من نكاحها صارفة عن ردته كما في اليمين إذا قال هو يهودي أو نصراني إن كنت فعلت كذا الحال أنه فعله ، وقد كذب في يمينه فلا يكون بذلك مرتدا كما مر




الخدمات العلمية