الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي التأجيل تعتبر السنة القمرية هو الصحيح [ ص: 303 ] ويحتسب بأيام الحيض وبشهر رمضان لوجود ذلك في السنة ولا يحتسب بمرضه ومرضها لأن السنة قد تخلو عنه .

التالي السابق


( قوله هو الصحيح ) صححه أيضا صاحب الواقعات احترازا عما اختاره شمس الأئمة السرخسي وقاضي خان وظهير الدين من اعتبارها شمسية ، وهي رواية الحسن عن أبي حنيفة ، وما ضربت السنة إلا للتوصل إلى صلاح الطبع ورفع المانع ، فيجوز أن يوافق طبعه مدة زيادة السنة الشمسية على القمرية فوجب اعتبارها . وجه الأول أن الثابت عن الصحابة كعمر رضي الله عنه ومن ذكرنا معه اسم السنة قولا وأهل الشرع إنما يتعارفون الأشهر والسنين بالأهلة ، فإذا أطلق السنة انصرف إلى ذلك ما لم يصرحوا بخلافه ، ثم زيادة الشمسية قيل : أحد عشر يوما .

وعن الحلواني : السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وجزء من مائة وعشرين جزءا من اليوم ، والقمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون كذا رأيت في نسخة . ورأيت في أخرى عنه في الشمسية زيادة ربع يوم مع ما ذكرنا .

وقيل : القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وخمس يوم وسدسه ، والشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وربع يوم إلا جزءا من ثلاثمائة جزء من يوم ، وفضل ما بينهما عشرة أيام وثلث وربع عشر يوم بالتقريب ، والذي يظهر أن هذا كله محدث . وعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين كتب إلى شريح أن يؤجل العنين سنة من يوم ترفع الدعوى إليه ، وكذا قول الراوي عن عمر في المرأة التي أتت إليه فأجله حولا من غير تقييد في السنة ، والحول لم يرد حينئذ إلا ما بالأهلة هذا الذي تعرفه العرب وأهل الشرع ، على أن الحول [ ص: 303 ] لم يعرف بعرف آخر بل اسم السنة هو الذي توارد عليه العرفان ، والله سبحانه أعلم .

( قوله وتعتبر بأيام الحيض ) أي تحتسب من السنة لوجودها في السنة يقينا وعادة .

( قوله ولا تحتسب بمرضه ومرضها ) هكذا مطلقا ، وعن أبي يوسف إذا مرض أحدهما مرضا لا يستطيع معه الجماع ، فإن كان أقل من نصف شهر احتسب عليه ، وإن كان أكثر لم يحتسب وعوض عنه ; لأن شهر رمضان محسوب عليه وهو قادر على الوطء فيه بالليل لا بالنهار وذلك نصفه ، فكذا النصف من كل شهر ، وهذا أصح الروايات عن أبي يوسف وفي رواية : إن ما فوق الشهر كذلك لا يحتسب به ، وفي رواية إن مدة الكثرة سنة ، وفي رواية : أكثر السنة .

وعن محمد : لو مرض في السنة يؤجل مقدار مرضه ، قيل عليه الفتوى ، فإن حج أو غاب هو احتسب عليه ، لأن العجز جاء بفعله ويمكنه أن يخرجها معه أو يؤخر الحج والغيبة ، ولو كان محرما وقت الخصومة ، قال محمد : يؤجل بعد إحرامه فلا يكون عذرا ، بخلاف ما إذا حجت هي أو غابت لا يحتسب عليه لأن العجز من قبلها فكان عذرا فيعوض ، فإن حبس الزوج ولو بمهرها وامتنعت من المجيء إلى السجن لم يحتسب عليه ، وإن لم تمتنع وكان له موضع خلوة فيه احتسب عليه وإن لم يكن له موضع خلوة يمكنه جماعها فيه لم يحتسب ، ولو رافعته وهو مظاهر منها تعتبر المدة من حين المرافعة إن كان قادرا على الإعتاق ، وإن كان عاجزا أمهله شهري الكفارة ثم أجله فيتم تأجيله سنة وشهرين ، ولو ظاهر بعد التأجيل لم يلتفت إلى ذلك ولم يزد على المدة المقدرة .




الخدمات العلمية