الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ما جرى بعمان بعد موت أبي القاسم بن مكرم

لما توفي أبو القاسم بن مكرم خلف أربعة بنين‏ : ‏ أبو الجيش ، والمهذب ، وأبو محمد ، وآخر صغير ، فولي بعده ابنه أبو الجيش ، وأقر علي بن هطال المنوجاني ، صاحبجيش أبيه ، على قاعدته ، وأكرمه وبالغ في احترامه ، فكان إذا جاء إليه قام له ، فأنكر هذه الحال عليه أخوه المهذب ، فطعن على ابن هطال ، وبلغه ذلك فأضمر له سوءا ، واستأذن أبا الجيش في أن يحضر أخاه المهذب لدعوة عملها له ، فأذن له في ذلك ، فلما حضر المهذب عنده خدمه وبالغ في خدمته ، فلما أكل وشرب وانتشى وعمل السكر فيه قال له ابن هطال‏ : ‏ إن أخاك أبا الجيش فيه ضعف وعجز عن الأمر ، والرأي أننا نقوم معك ، وتصير أنت الأمير ، وخدعه ، فمال إلى هذا الحديث ، فأخذابن هطال خطه بما فوض إليه ، وبما يعطيه من الأعمال إذا عمل معه هذا الأمر‏ . ‏ فلما كان الغد حضر ابن هطال عند أبي الجيش ، وقال له‏ : ‏ إن أخاك كان قد أفسد كثيرا من أصحابك عليك تحدث معي ، واستمالني فلم أوافقه ، فلهذا كان يذمني ، ويقع في ، وهذا خطه بما استقر هذه الليلة‏ . ‏ فلما رأى خط أخيه أمره بالقبض عليه ، ففعل ذلك واعتقله ، ثم وضع عليه من خنقه وألقى جثته إلى منخفض من الأرض ، وأظهر أنه سقط فمات‏ . ‏

ثم توفي أبو الجيش بعد ذلك بيسير ، وأراد ابن هطال أن يأخذ أخاه أبا محمد فيوليه عمان ثم يقتله ، فلم تخرجه إليه والدته ، وقالت له‏ : ‏ أنت تتولى الأمور ، هذا صغير لا يصلح لها‏ . ‏ ففعل ذلك ، وأساء السيرة ، وصادر التجار ، وأخذ الأموال‏ . ‏

[ ص: 795 ] وبلغ ما كان منه مع بني مكرم إلى الملك أبي كاليجار ، والعادل أبي منصور بن مافنة ، فأعظما الأمر واستكبراه ، وشد العادل في الأمر ، وكاتب نائبا كان لأبي القاسم بن مكرم بجبال عمان يقال له المرتضى ، وأمره بقصد ابن هطال ، وجهز العساكر من البصرة لتسير إلى مساعدة المرتضى ، فجمع المرتضى الخلق ، وتسارعوا إليه ، وخرجوا عن طاعة ابن هطال ، وضعف أمره ، واستولى المرتضى على أكثر البلاد ، ثم وضعوا خادما كان لابن مكرم ، وقد التحق بابن هطال على قتله ، وساعده على ذلك فراش كان له ، فلما سمع العادل بقتله سير إلى عمان من أخرج أبا محمد بن مكرم ، ورتبه في الإمارة ، وكان قد استقر أن الأمر لأبي محمد في هذه السنة‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية