الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله - تعالى - : ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله - تعالى - في هذه الآية : وأزواجكم فيه لعلماء التفسير وجهان : أحدهما ، أن المراد بأزواجهم نظراؤهم وأشباههم في الطاعة وتقوى الله ، واقتصر على هذا القول ابن كثير .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن المراد بأزواجهم نساؤهم في الجنة; لأن هذا الأخير أبلغ في التنعم والتلذذ من الأول .

                                                                                                                                                                                                                                      ولذا يكثر في القرآن ذكر إكرام أهل الجنة بكونهم مع نسائهم دون الامتنان عليهم ، بكونهم مع نظرائهم وأشباههم في الطاعة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال - تعالى - : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون [ 36 \ 55 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال كثير من أهل العلم : إن المراد بالشغل المذكور في الآية ، هو افتضاض الأبكار . وقال - تعالى - : وزوجناهم بحور عين [ 52 \ 20 ] . وقال - تعالى - : وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون [ 56 \ 22 - 23 ] . وقال - تعالى - : فيهن خيرات حسان إلى قوله : حور مقصورات في الخيام [ 55 \ 22 - 23 ] . وقال : وعندهم قاصرات الطرف عين [ 37 \ 48 ] . [ ص: 143 ] وقال - تعالى - : وعندهم قاصرات الطرف أتراب [ 38 \ 52 ] . إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا أن مفرد الأزواج زوج بلا هاء ، وأن الزوجة بالتاء لغة لا لحن ، خلافا لمن زعم أن الزوجة لحن من لحن الفقهاء ، وأن ذلك لا أصل له في اللغة .

                                                                                                                                                                                                                                      والحق أن ذلك لغة عربية ، ومنه قول الفرزدق :

                                                                                                                                                                                                                                      وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها



                                                                                                                                                                                                                                      وقول الحماسي :

                                                                                                                                                                                                                                      فبكى بناتي شجوهن وزوجتي     والظاعنون إلي ثم تصدعوا



                                                                                                                                                                                                                                      وفي صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في صفية : " إنها زوجتي " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : تحبرون أقوال العلماء فيه راجعة إلى شيء واحد ، وهو أنهم يكرمون بأعظم أنواع الإكرام وأتمها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية