الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وصدق ) المعترض ( إن ادعى فيها ) أي في المدة ( الوطء ) بعد ضرب الأجل ، وكذا إن ادعى بعدها أنه وطئ فيها ( بيمين ) فإن ادعى بعدها أنه وطئ بعدها لم يصدق ( فإن نكل حلفت ) وفرق بينهما قبل تمام السنة ( وإلا ) تحلف ( بقيت ) زوجة ولا كلام لها بعد ذلك ; لأنها بنكولها مصدقة له على الوطء ( وإن لم يدعه ) بعد السنة ( طلقها ) إن شاءت الزوجة بأن يأمره الحاكم به فإن طلقها فواضح ( وإلا ) يطلقها بأن أبى ( فهل يطلق ) عليه ( الحاكم أو يأمرها به ) أي بإيقاع الطلاق كطلقت نفسي منك وما معناه ويكون بائنا لكونه قبل البناء [ ص: 283 ] ( ثم يحكم به ) الحاكم ليرفع خلاف من لا يرى أمر القاضي لها في هذه الصورة حكما .

( قولان ولها ) أي لزوجة المعترض إن رضيت بعد الأجل بالمقام معه لأجل آخر كما روي عن ابن القاسم ( فراقه بعد الرضا ) بالإقامة معه ( بلا ) ضرب ( أجل ) ثان ولا رفع لحاكم ; لأنه قد ضرب أولا ومفهوم ما في الرواية من قولها إلى أجل آخر أنها لو قالت بعد السنة رضيت بالمقام معه أبدا أنها ليس لها فراقه وهو كذلك ويفيده قول المصنف أول الفصل أو لم يرض ( و ) لها ( الصداق بعدها ) أي السنة كاملا ; لأنها مكنت من نفسها وطال مقامها معه وتلذذ بها وأخلق شورتها فإن طلق قبلها فلها النصف وتعاض المتلذذ بها بالاجتهاد قاله الشيخ سالم ، ثم شبه في وجوب الصداق قوله : ( كدخول العنين والمجبوب ) ، ثم يطلقان باختيارهما لا إن طلق عليهما لعيبهما فإنه يأتي في كلام المصنف والخصي أولى من المجبوب .

التالي السابق


( قوله : إن ادعى فيها الوطء ) أي إن ادعى في المدة أنه وطئ بعد ضرب الأجل .

( قوله : وكذا إن ادعى بعدها أنه وطئ فيها ) أي فيصدق بيمين وهذا هو المعتمد كما يفيده ابن هارون خلافا لما يفيده ظاهر المصنف من عدم تصديقه لتقديمه فيها على الوطء .

( قوله : وفرق بينهما قبل تمام السنة ) هذا هو مذهب المدونة وهو المعتمد خلافا لما في الموازية من أنه إذا نكل يبقى لتمام السنة ، ثم يطلب بالحلف ولا يكون نكوله أولا مانعا من حلفه عند تمام السنة فإن نكل فرق بينهما .

( قوله : وإن لم يدعه بعد السنة ) أي ، وإن لم يدع الوطء بعد تمام السنة بل وافقها على عدمه فيها أو سكت ولم يدع وطئا ولا عدمه .

( قوله : فهل يطلق الحاكم ) أي واحدة فإن أوقع أزيد منها لم يلزم ذلك الزائد بخلاف الزوج فإن له أن يوقع ما شاء .

( قوله : وما في معناه ) كأنا طالقة منك .

( قوله : ويكون ) أي كل من طلاق الحاكم وطلاقها بائنا ، واعترض بأن هذا ينافي ما يأتي من لزوم العدة بالخلوة فمقتضى ذلك أنه رجعي ، إذ لو كان قبل البناء ما وجبت عدة كما قاله شيخنا ، وقد يقال : المصرح به فيما يأتي أنه مع وجوب العدة بالخلوة يعاملان بإقرارهما أنه لا وطء فلا رجعة [ ص: 283 ]

( قوله : ثم يحكم به الحاكم ليرفع خلاف إلخ ) الأولى ليرفع خلاف من يرى أن طلاق المرأة لا يقع أصلا ، ثم إن هذا يقتضي أن المراد بقوله : ثم يحكم به حقيقة الحكم والذي قاله بعضهم أن المراد بالحكم هنا الإشهاد أي أو يأمرها به فإذا طلقت نفسها أشهد الحاكم على ذلك الطلاق الواقع منها كما قاله ابن عات وغيره من الموثقين ، وليس مراد المصنف ما يتبادر منه من الحكم ففي نوازل ابن سهل عن ابن عات أن الحاكم يقول لها بعد كمال نظره : إن شئت أن تطلقي نفسك ، وإن شئت التربص عليه فإن طلقت نفسها أشهد على ذلك ا هـ قال المتيطي ولا أعذار في الذين يشهدون بأنها طلقت نفسها ، إذ لا أعذار فيما يقع بين يدي الإمام من إقرار ، وإنكار على المشهور من المذهب انظر بن .

( قوله : قولان ) ظاهره أنه ترجيح في واحد منهما وليس كذلك ففي ابن عرفة ما نصه المتيطي في كون الطلاق بالعيب الإمام يوقعه أو يفوض إليها قولان للمشهور وأبي زيد عن ابن القاسم ا هـ قال ح وأفتى بالثاني ابن عات ورجحه ابن مالك وابن سهل ا هـ وعليه فحق المصنف الاقتصار على الأول أو يقول خلاف ا هـ بن .

( قوله : ولها ) أي لزوجة المعترض حاصله أنها إذا رضيت بعد مضي السنة التي ضربت لها بالإقامة معه مدة لتتروى وتنظر في أمرها ، ثم رجعت عن ذلك الرضا فلها ذلك ولا تحتاج لضرب أجل ثان ; لأن الأجل قد ضرب أولا بخلاف ما لو رضيت ابتداء بالإقامة معه لتتروى في أمرها بلا ضرب أجل ، ثم قامت فلا بد من ضرب الأجل هذا كله في زوجة المعترض .

( قوله : وهو كذلك ) أي كما في نص المواق وقوله : ويفيده قول المصنف أول الفصل أو لم يرض أي فإنه يفيد أنه رضا مطلق من حيث إنه لم يقيد وقال بن الذي في شرح ابن رحال ما نصه والظاهر من كلامهم أن ما في الرواية غير شرط بل ، وكذا إذا قالت : رضيت بالمقام معه فلها فراقه وهو ظاهر التوضيح وهذا كله في زوجة المعترض ، وأما زوجة المجذم إذا طلبت فراقه فأجل لرجاء برئه فبعد انقضاء الأجل رضيت بالمقام معه ، ثم أرادت الرجوع فإن قيدت رضاها بالمقام معه بأجل لتتروى كان لها الفراق من غير ضرب أجل ثان ، وإن لم تقيد بل رضيت بالمقام معه أبدا ، ثم أرادت الفراق ابن القاسم ليس لها ذلك إلا أن يزيد الجذام وقال أشهب لها ذلك ، وإن لم يزد وحكى في البيان قولا ثالثا ليس لها ذلك ، وإن زاد انظر التوضيح قال بن وقول ابن القاسم هو الموافق لتقييد الخيار فيما سبق بعدم الرضا .

( قوله : بعدها ) أي إذا حصل الطلاق بعدها .

وحاصله أن المعترض إذا أجل سنة ولم يحصل منه وطء لزوجته واختارت فراقه بعدها فلها الصداق كاملا على المشهور وروي عن مالك أن لها نصفه .

( قوله : وتلذذ بها ) أي بالقبلة والمباشرة وليس المراد اللذة الكبرى .

( قوله : فإن طلق قبلها فلها النصف ) يعني إذا لم يطل مقامها معه وإلا فلها الصداق كاملا ولفظ ح ، وأما إذا طلقها قبل انقضاء الأجل فلها نصف الصداق إذا لم يطل مقامها قاله في المدونة ونقله في التوضيح ا هـ بن ويتصور وقوع الطلاق قبل السنة فيما إذا رضي بالفراق تمامها وفيما إذا قطع ذكره في السنة .

( قوله : فإنه يأتي في كلام المصنف ) أي في قوله ومع الرد قبل البناء فلا صداق وبعده فمع عيبه المسمى ومعها رجع بجميعه إلخ .

( قوله : والخصي ) أي المقطوع الأنثيين قائم الذكر




الخدمات العلمية