الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                فصل قال الله عز وجل : { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } .

                فقوله { فلم تجدوا ماء } يتعلق بقوله { على سفر } لا بالمرض . والمريض يتيمم وإن وجد الماء . والمسافر إنما يتيمم إذا لم يجد الماء . ذكر سبحانه وتعالى النوعين الغالبين : الذي يتضرر باستعمال الماء والذي لا يجده .

                وقوله { على سفر } يعم السفر الطويل والقصير كما قاله الجمهور .

                وقوله : { وإن كنتم مرضى } كقوله في آية الخوف : { ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم } وقوله في الإحرام : { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه } [ ص: 399 ] وفي الصيام { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ولم يوقت الله تعالى وقتا في المرض .

                والذي عليه الجمهور : أنه لا يشترط فيه خوف الهلاك . بل من كان الوضوء يزيد مرضه أو يؤخر برأه يتيمم . وكذلك في الصيام والإحرام . ومن يتضرر بالماء لبرد فهو كالمريض عند الجمهور . لكن الله ذكر الضرر العام وهو المرض . بخلاف البرد . فإنه إنما يكون في بعض البلاد لبعض الناس الذين لا يقدرون على الماء الحار .

                وكذلك ذكر المسافر الذي لا يجد الماء ولم يذكر الحاضر . فإن عدمه في الحضر نادر . لكن قد يحبس الرجل وليس عنده إلا ما يكفيه لشربه . كما أن المسافر قد لا يكون معه إلا ما يكفيه لشربه وشرب دوابه . فهذا عند الجمهور عادم الماء فيتيمم .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية