الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              - حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا علي بن عياش الحمصي ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال عمر : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة ، فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد ، وعباس بن عبد المطلب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا أغناه الله ، وأما خالد بن الوليد فإنكم تظلمون خالدا ، قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله ، أما العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

              قال أبو بكر : قال في خبر ورقاء : " وأما العباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي علي ، ومثلها معها .

              وقال في خبر موسى بن عقبة : " أما العباس بن عبد المطلب فهي له ومثلها معها .

              وقال في خبر شعيب بن أبي حمزة : " أما العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي عليه صدقة ومثلها معها .


              [ ص: 1118 ] فخبر موسى بن عقبة فهي له ومثلها معها يشبه [ 237 - ب ] أن يكون أراد ما قال ورقاء : أي فهي له علي . فأما اللفظة التي ذكرها شعيب بن أبي حمزة ، فهي عليه صدقة ، فيشبه أن يكون معناها فهي له ، علي ما بينت في غير موضع من كتبنا أن العرب تقول : عليه يعني له ، وله يعني عليه ، كقوله - جل وعلا - : أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار [ الرعد : 25 ] فمعنى لهم اللعنة : أي عليهم اللعنة ، ومحال أن يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس بن عبد المطلب صدقة قد وجبت عليه في ماله ، وبعده ترك صدقة أخرى إذا وجبت عليه ، والعباس من صليبة بني هاشم ممن حرم عليه صدقة غيره أيضا ، فكيف صدقة نفسه ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أن الممتنع من أداء صدقته في العسر واليسر يعذب يوم القيامة في يوم مقداره خمسين ألف سنة بألوان عذاب قد ذكرناها في موضعها في هذا الكتاب ، فكيف يكون أن يتأول على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يترك لعمه صنو أبيه صدقة قد وجبت عليه لأهل سهمان الصدقة ، أو يبيح له ترك أدائها وإيصالها إلى مستحقيها ، هذا ما لا يتوهمه عندي عالم . والصحيح في هذه اللفظة قوله : فهي له ، وقوله : فهي علي ومثلها معها ، أي إني قد استعجلت منه صدقة عامين ، فهذه الصدقة التي أمرت بقبضها من الناس هي للعباس علي ومثلها معها ، أي صدقة ثانية على ما روى الحجاج بن دينار - وإن كان في القلب منه - عن الحكم ، عن حجية بن عدي ، عن علي بن أبي طالب ، أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية