الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عبد الله بن عامر

                                                                                      ابن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، الأمير ، أبو عبد الرحمن القرشي العبشمي الذي افتتح إقليم خراسان . رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عنه حديثا في : من قتل دون ماله رواه عنه حنظلة بن قيس . وهو ابن خال عثمان ، وأبوه عامر هو ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيضاء بنت عبد المطلب . ولي البصرة لعثمان ، ثم وفد على معاوية ، فزوجه بابنته هند ، وداره بدمشق بالحويرة هي دار ابن الحرستاني . قال الزبير بن بكار : استعمل عثمان على البصرة ابن عامر ، وعزل أبا [ ص: 19 ] موسى ، فقال أبو موسى : قد أتاكم فتى من قريش ، كريم الأمهات والعمات والخالات ، يقول بالمال فيكم هكذا وهكذا . وهو الذي دعا طلحة والزبير إلى البصرة وقال : إن لي فيها صنائع . وهو الذي افتتح خراسان ، وقتل كسرى في ولايته ، وأحرم من نيسابور شكرا لله ، وعمل السقايات بعرفة . وكان سخيا كريما . قال ابن سعد أسلم أبوه عامر يوم الفتح وبقي إلى زمن عثمان ، وعقبه بالبصرة والشام كثير . قدم على ولده عبد الله وهو والي البصرة . وقيل : ولد عبد الله بعد الهجرة ، فلما قدم رسول الله معتمرا عمرة القضاء ، حمل إليه ابن عامر وهو ابن ثلاث سنين ، فحنكه ، وولد له عبد الرحمن وهو ابن ثلاث عشرة سنة . وأما ابن منده فقال : توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولابن عامر ثلاث عشرة سنة . قال مصعب الزبيري : يقال : إنه كان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء . وقال الأصمعي : أرتج عليه يوم أضحى بالبصرة ، فمكث ساعة ، ثم قال : والله لا أجمع عليكم عيا ولؤما ، من أخذ شاة من السوق ، فثمنها علي .

                                                                                      أبو داود الطيالسي : حدثنا حميد بن مهران ، عن سعد بن أوس ، عن [ ص: 20 ] زياد بن كسيب قال : كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق ، فقال أبو بلال : انظروا إلى أميركم يلبس ثياب الفساق ، فقال أبو بكرة : اسكت ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله .

                                                                                      أبو بلال : هو مرداس بن أدية من الخوارج . قال خليفة وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى عن البصرة ، وعثمان بن أبي العاص عن فارس ، وجمعهما لابن عامر . وعن الحسن قال : غزا ابن عامر وعلى مقدمته ابن بديل ، فأتى أصبهان ، فصالحوه ، وتوجه إلى خراسان على مقدمته الأحنف ، فافتتحها ، يعني بعضها عنوة وبعضها صلحا .

                                                                                      وقال الزهري : خرج يزدجرد في مائة ألف ، فنزل مرو واستعمل على إصطخر رجلا ، فأتاها ابن عامر ، فافتتحها . قال : وقتل يزدجرد ومن كان معه بمرو ، ونزل ابن عامر بأبرشهر وبها بنتا كسرى ، فحاصرها ، فصالحوه . وبعث الأحنف ، فصالحه أهل هراة . وبعث حاتم بن النعمان الباهلي إلى مرو ، فصالحوه . ثم سار معتمرا من نيسابور إلى مكة شكرا لله . وقد افتتح كرمان وسجستان .

                                                                                      [ ص: 21 ] وكان من كبار ملوك العرب ، وشجعانهم ، وأجوادهم . وكان فيه رفق وحلم . ولاه معاوية البصرة . توفي قبل معاوية في سنة تسع وخمسين فقال معاوية : بمن نفاخر وبمن نباهي بعده ؟ !

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية