الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) يسن ( لجيران أهله ) ولو كانوا بغير بلده إذ العبرة ببلدهم ولأقاربه الأباعد ولو ببلد آخر ( تهيئة طعام يشبعهم يومهم وليلتهم ) للخبر الصحيح { اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم } ( ويلح عليهم في الأكل ) ندبا لأنهم قد يتركونه حياء أو لفرط جزع ولا بأس بالقسم إن علم أنهم يبرونه ( ويحرم تهيئته للنائحات ) أو لنائحة واحدة وأريد بها هنا ما يشمل النادبة ونحوها ( والله أعلم ) لأنه إعانة على معصية وما اعتيد من جعل أهل الميت طعاما ليدعوا الناس عليه بدعة مكروهة كإجابتهم لذلك لما صح عن جرير كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام بعد دفنه من النياحة ووجه عده من النياحة ما فيه من شدة الاهتمام بأمر الحزن ومن ثم كره لاجتماع أهل الميت ليقصدوا بالعزاء قال الأئمة بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم وأخذ جمع من هذا ومن بطلان الوصية بالمكروه وبطلانها بإطعام المعزين لكراهته لأنه متضمن للجلوس للتعزية وزيادة وبه صرح في الأنوار نعم إن فعل لأهل الميت مع العلم بأنهم يطعمون من حضرهم لم يكره [ ص: 208 ] وفيه نظر ودعوى ذلك التضمن ممنوعة ومن ثم خالف ذلك بعضهم فأفتى بصحة الوصية بإطعام المعزين وأنه ينفذ من الثلث وبالغ فنقله عن الأئمة وعليه فالتقييد باليوم والليلة في كلامهم لعله للأفضل فيسن فعله لهم أطعموا من حضرهم من المعزين أم لا أمر ما داموا مجتمعين ومشغولين لا لشدة الاهتمام بأمر الحزن ثم محل الخلاف كما هو واضح في غير ما اعتيد الآن أن أهل الميت يعمل لهم مثل ما عملوه لغيرهم فإن هذا حينئذ يجري فيه الخلاف الآتي في النقوط فمن عليه شيء لهم يفعله وجوبا أو ندبا وحينئذ لا تتأتى هنا كراهته ولا يحل فعل ما للنائحات أو المعزين على الأول من التركة إلا إذا لم يكن عليه دين وليس في الورثة محجور ولا غائب وإلا أثموا وضمنوا والذبح على القبر قال بعضهم من صنيع الجاهلية ا هـ والظاهر كراهته لأنه بدعة فلا تصح الوصية به أيضا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( لجيران أهله ) أي ولو أجانب ولمعارفهم وإن لم يكونوا جيرانا كما في الأنوار نهاية ( قوله ولو كانوا ) إلى قوله ووجه عده إلخ في النهاية ( قوله ولو كانوا إلخ ) أي أهل الميت مغني قول المتن ( بشبعهم ) أي أهله الأقارب مغني قول المتن ( يومهم وليلتهم ) قال الإسنوي والتعبير باليوم والليلة واضح إذا مات في أوائل اليوم فلو مات في أواخره فقياسه أن يضم إلى ذلك الليلة الثانية أيضا لا سيما إذا تأخر الدفن عن تلك الليلة مغني ونهاية ( قوله ما يشغلهم ) بفتح أوله وضمه شاذا يعاب ( قوله يبرونه ) بفتح الباء مضارع بر وبالكسر ع ش ( قوله ونحوها ) أي كالمرثي ( قوله من جعل أهل الميت طعاما إلخ ) أي قبل الدفن وبعده نهاية ومنه المشهور بالوحشة والجمع المعلومة أيضا ع ش .

                                                                                                                              ( قوله بدعة مكروهة ) عبارة شيخنا بدعة غير مستحبة بل تحرم الوحشة المعروفة وإخراج الكفارة وصنع الجمع والسبح إن كان في الورثة محجور عليه إلا إذا أوصى الميت بذلك وخرجت من الثلث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وصنعهم ) في أصله رحمه الله صنيعهم بالياء بصري أقول وكذلك في الأسنى والمغني والنهاية وصنعهم بلا باء ( قوله ووجه عده إلخ ) مبتدأ وخبره قوله ما فيه إلخ ( قوله من هذا ) أي من كراهة اجتماع أهل الميت إلخ أخذا من قوله الآتي لأنه متضمن إلخ ويحتمل من كراهة ما اعتيد إلخ ( قوله متضمن للجلوس إلخ ) أي المكروه ( قوله وبه ) أي بالبطلان ( صرح في الأنوار ) اعتمده في الإيعاب فقال في شرح قول العباب وصنعته ليجتمع الناس عليه مكروه ما نصه ويؤخذ من كراهته عدم نفوذ الوصية به وبه صرح في الأنوار في بابها وتبعه الغزي وغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إن فعل لأهل الميت ) أي فعله نحو [ ص: 208 ] جيران أهل الميت لهم ( قوله وفيه نظر ) أي في مأخوذ الجمع نظر كردي ويحتمل أن مرجع الضمير قوله نعم إن فعل إلخ ( قوله فأفتى إلخ ) تفسير للمخالفة .

                                                                                                                              ( قوله وعليه ) أي الإفتاء المذكور هذا ظاهر صنيعه لكن لا يظهر حينئذ وجه تفريع ما بعده على الإفتاء المذكور ويحتمل أن مرجع الضمير قوله نعم إن فعل إلخ وهو الأقرب معنى ( قوله فالتقييد إلخ ) أي المار في المتن كردي ( قوله فيسن إلخ ) أي فإذا كان تهيئة الطعام سنة مطلقا سواء في اليوم الأول وغيره وسواء أطعموا المعزين أم لا فيسن فعله من الجيران والأقارب البعيدة لأهل الميت أطعموا إلخ كردي ( قوله ثم محل الخلاف ) في كراهة صنع الطعام للحاضرين ( قوله يعمل لهم مثل ما عملوه إلخ ) أي يعمل غير أهل الميت لهم من الطعام مثل ما عمل أهل الميت له في مصيبته على قصد أن ذلك الغير يعمل لهم مثله في مصيبتهم فيكون كالدين عليه كردي .

                                                                                                                              ( قوله الخلاف الآتي ) أي في فصل الإقراض ( في النقوط ) من أنه هبة أو قرض والنقوط هو ما يجمع من المتاع وغيره في الأفراح لصاحب الفرح كردي ( قوله فمن عليه إلخ ) أي من نحو جيران أهل الميت و ( قوله لهم ) أي لأهل الميت ( قوله على الأول ) وهو مأخوذ الجمع قاله الكردي ويظهر أن المراد بالأول الاعتياد السابق من جعل أهل الميت طعاما إلخ فهو احتراز عما اعتيد الآن أن أهل الميت يعمل لهم إلخ وأما على ما قاله الكردي فهو احتراز عما مر بقوله وفيه نظر ودعوى ذلك التضمن ممنوعة ومن ثم إلخ ( قوله وإلا أثموا إلخ ) أي الفاعلون للطعام للنائحات أو المعزين




                                                                                                                              الخدمات العلمية