الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ) .

                                                                                                                                                                                                                                            ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : يقال : بزغ القمر إذا ابتدأ في الطلوع ، وبزغت الشمس إذا بدأ منها طلوع ، ونجوم بوازغ . قال الأزهري : كأنه مأخوذ في البزغ وهو الشق كأنه بنوره يشق الظلمة شقا ، ومعنى الآية أنه اعتبر في القمر مثل ما اعتبر في الكوكب .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : دل قوله : ( لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ) على أن الهداية ليست إلا من الله تعالى . ولا يمكن حمل لفظ الهداية على التمكن وإزاحة الأعذار ونصب الدلائل ؛ لأن كل ذلك كان حاصلا ، فالهداية التي كان يطلبها بعد حصول تلك الأشياء لا بد وأن تكون زائدة عليها .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن كون إبراهيم - عليه السلام - على مذهبنا أظهر من أن يشتبه على العاقل ؛ لأنه في هذه الآية أضاف الهداية إلى الله تعالى ، وكذا في قوله : ( الذي خلقني فهو يهدين ) [الشعراء : 78] وكذا في قوله : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) [إبراهيم : 35] .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية