الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  530 32 - (حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم، وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: (ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر)، وقد ذكرنا أن اقتصاره في الترجمة على العصر من باب الاكتفاء.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة، وقد ذكروا غير مرة، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان، والأعرج عبد الرحمن بن هرمز.

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك في موضع، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع ورواته مدنيون ما خلا عبد الله بن يوسف، فإنه تنيسي، وهو من أفراد البخاري .

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في التوحيد، عن إسماعيل وقتيبة، وأخرجه مسلم في الصلاة، عن يحيى بن يحيى، وأخرجه النسائي فيه، وفي البعوث، عن قتيبة، وعن الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، الكل عن مالك.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه وإعرابه) قوله: (يتعاقبون فيكم ملائكة)، فاعل يتعاقبون مضمر، والتقدير: ملائكة يتعاقبون، وقوله ملائكة بدل من الضمير الذي فيه أو بيان كأنه قيل: من هم؟ فقيل ملائكة، وهذا مذهب سيبويه فيه، وفي نظائره.

                                                                                                                                                                                  وقال الأخفش ومن تابعه: إن إظهار ضمير الجمع والتثنية في الفعل إذا تقدم جائز وهي لغة بني الحارث، وقالوا: هو نحو أكلوني البراغيث، وكقوله تعالى: وأسروا النجوى الذين ظلموا

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي : هذه لغة فاشية ولها وجه في القياس صحيح وعليها حمل الأخفش قوله تعالى: وأسروا النجوى الذين ظلموا وقيل: هذا الطريق المذكور هنا اختصره الراوي، وأصله الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، وبهذا اللفظ رواه البخاري في بدء الخلق من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد: إن الملائكة يتعاقبون فيكم، فاختلف فيه عن أبي الزناد، وأخرجه النسائي أيضا من طريق موسى بن عقبة، عن أبي الزناد بلفظ: إن الملائكة يتعاقبون فيكم، فاختلف فيه على أبي الزناد، فالظاهر أنه كان تارة يذكره هكذا، وتارة هكذا، وهذا يقوي قول هذا القائل، ويؤيد ذلك أن غير الأعرج من أصحاب أبي هريرة قد رووه تاما، فأخرجه أحمد ومسلم من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة مثل رواية موسى بن عقبة، لكن بحذف إن من أوله، وأخرجه ابن خزيمة والسراج من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة بلفظ: إن لله ملائكة يتعاقبون، وهذه الطريقة أخرجها البزار أيضا، وأخرجه أبو نعيم في (الحلية) بإسناد صحيح من طريق أبي يونس، عن أبي هريرة بلفظ: إن لله ملائكة فيكم يتعاقبون ومعنى يتعاقبون: تأتي طائفة عقيب طائفة، ومنه تعقيب الجيوش، وهو أن يذهب قوم ويأتي آخرون.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد البر : وإنما يكون التعاقب بين طائفتين أو رجلين بأن يأتي هذا مرة ويعقبه هذا، ومنه تعقيب الجيوش أن يجهز الأمير بعثا إلى مدة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز غيرهم إلى مدة، ثم يأذن لهم في الرجوع بعد أن يجهز الأولين، فإن قلت: ما وجه تكرير تنكير ملائكة، (قلت): ليدل على أن الثانية غير الأولى، كقوله تعالى: غدوها شهر ورواحها شهر وأما الملائكة فعند أكثر العلماء هم الحفظة، فسؤاله لهم إنما هو سؤال عما أمرهم به من حفظهم [ ص: 45 ] لأعمالهم وكتبهم إياها عليهم.

                                                                                                                                                                                  وقال عياض رحمه الله: وقيل: يحتمل أن يكونوا غير الحفظة، فسؤاله لهم إنما هو على جهة التوبيخ لمن قال: أتجعل فيها من يفسد فيها وأنه أظهر لهم ما سبق في علمه بقوله: إني أعلم ما لا تعلمون

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي : وهذه حكمة اجتماعهم في هاتين الصلاتين، أو يكون سؤاله لهم استدعاء لشهادتهم لهم، ولذلك قالوا: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، وهذا من خفي لطفه وجميل ستره إذ لم يطلعهم إلا على حال عبادتهم، ولم يطلعهم على حالة شهواتهم وما يشبهها، انتهى. هذا الذي قاله يعطي أنهم غير الحفظة؛ لأن الحفظة يطلعون على أحوالهم كلها، اللهم إلا أن تكون الحفظة غير الكاتبين فيتجه ما قاله، والظاهر أنهم غيرهما؛ لأنه قد جاء في بعض الأحاديث: إذا مات العبد جلس كاتباه عند قبره يستغفران له، ويصليان عليه إلى يوم القيامة. يوضحه ما رواه ابن المنذر بسند له، عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن أبيه أنه كان يقول: يتداول الحارسان من ملائكة الله تعالى حارس الليل وحارس النهار عند طلوع الفجر، وعن الضحاك في قوله تعالى: وقرآن الفجر قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار يشهدون أعمال بني آدم، وفي تفسير ابن أبي حاتم: تشهده الملائكة والجن.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر)، اجتماعهم في هاتين الصلاتين لطف من الله تعالى بعباده المؤمنين؛ إذ جعل اجتماعهم عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عبادتهم واجتماعهم على طاعة ربهم، فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن حبان في (صحيحه): فيه بيان أن ملائكة الليل تنزل والناس في صلاة العصر، وحينئذ تصعد ملائكة النهار، وهذا ضد قول من زعم أن ملائكة الليل تنزل بعد غروب الشمس، فإن قلت: ما وجه ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية، (قلت): لما ثبت لهما من الفضل على غيرهما من اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال وغير ذلك ناسب أن يجازى المحافظ عليهما بأفضل العطايا، وهو النظر إلى الله تعالى والله أعلم.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: التعاقب مغاير للاجتماع فيكون بين قوله: (يتعاقبون)، وبين قوله: (يجتمعون)، منافاة، (قلت): كل منهما في حالة فلا منافاة. فإن قلت: شهودهم معهم الصلاة في الجماعة أم مطلقا؟ (قلت): اللفظ يحتمل للجماعة وغيرهم، ولكن الظاهر أن ذلك في الجماعة. قوله: (ثم يعرج) من عرج يعرج عروجا من باب نصر ينصر، والعروج: الصعود، ويقال: عرج يعرج عرجانا إذا عجز عن شيء أصابه، وعرج يعرج عرجا إذا صار أعرج أو كان خلقة فيه، وعرج بالتشديد تعريجا إذا قام. قوله: (الذين باتوا فيكم)، الخطاب فيه وفي قوله: (يتعاقبون فيكم)، للمصلين.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: أي: المصلين أو مطلق المؤمنين، (قلت): لا يصح أن يكون مطلق المؤمنين؛ لأن هذه الفضيلة للمصلين، والدليل على ذلك. قوله: (يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر).

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : فإن قلت: ما وجه التخصيص بالذين باتوا وترك الذين ظلوا؟ (قلت): إما للاكتفاء بذكر أحدهما عن الآخر كقوله تعالى سرابيل تقيكم الحر وإما لأن الليل مظنة المعصية ومظنة الاستراحة فلما لم يعصوا واشتغلوا بالطاعة فالنهار أولى بذلك، وإما لأن حكم طرفي النهار يعلم من طرفي الليل فذكره يكون تكرارا، انتهى.

                                                                                                                                                                                  وقيل: الحكمة في ذلك أن ملائكة الليل إذا صلوا الفجر عرجوا في الحال، وملائكة النهار إذا صلوا العصر لبثوا إلى آخر النهار لضبط بقية عمل النهار.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: وهذا ضعيف؛ لأنه يقتضي أن ملائكة النهار لا يسألون، وهو خلاف ظاهر الحديث. (قلت): هذا الذي ذكره ضعيف؛ لأن لبث ملائكة النهار لضبط بقية عمل النهار لا يستلزم عدم السؤال. وقيل: الحكمة في ذلك بناء على أن الملائكة هم الحفظة أنهم لا يبرحون عن ملازمة بني آدم، وملائكة الليل هم الذين يعرجون ويتعاقبون، ويؤيده ما رواه أبو نعيم في (كتاب الصلاة) له من طريق الأسود بن يزيد النخعي قال: يلتقي الحارسان؛ أي: ملائكة الليل وملائكة النهار عند صلاة الصبح، فيسلم بعضهم على بعض، فتصعد ملائكة الليل وتلبث ملائكة النهار. وقيل: يحتمل أن يكون العروج إنما يقع عند صلاة الفجر خاصة، وأما النزول فيقع في الصلاتين معا، وفيه التعاقب وصورته أن تنزل طائفة عند العصر وتبيت، ثم تنزل طائفة ثانية عند الفجر فتجتمع الطائفتان في صلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فقط، ويستمر الذين نزلوا وقت الفجر إلى العصر فتنزل الطائفة الأخرى فيحصل اجتماعهم عند العصر أيضا ولا يصعد منهم أحد، بل تبيت الطائفتان أيضا، ثم تعرج إحدى الطائفتين ويستمر ذلك فتصح صورة التعاقب مع اختصاص النزول بالعصر والعروج بالفجر؛ فلهذا خص السؤال بالذين باتوا. وقيل: إن قوله: (في هذا الحديث) أعني حديث الباب: ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر وهم؛ لأنه ثبت من طرق كثيرة [ ص: 46 ] أن الاجتماع في صلاة الفجر من غير ذكر صلاة العصر، كما في (الصحيحين) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة في أثناء حديث قال فيه: ويجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر. قال أبو هريرة : واقرؤوا إن شئتم: وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا وفي الترمذي والنسائي من وجه آخر بإسناد صحيح، عن أبي هريرة في قوله تعالى: إن قرآن الفجر كان مشهودا قال: تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار ، وروى ابن مردويه في تفسيره من حديث أبي الدرداء مرفوعا نحوه.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد البر : ليس في هذا دفع للرواية التي ذكر فيها العصر، (قلت): محصل كلامه أن ذكر الفجر في الحديث الذي استدل به القائل المذكور على أن ذكر العصر وهم، غير صحيح؛ لأن ذكر الفجر لا يستلزم نفي ذكر العصر، ولا وجه لنسبة الراوي الثقة إلى الوهم مع إمكان التوفيق بين الروايات مع أن الزيادة من الثقة العدل مقبولة، أو يكون الاقتصار في الفجر لكونها جهرية، ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون تقصير من بعض الرواة في تركهم سؤال الذين أقاموا في النهار، ولم لا يجوز أن يحمل قوله: (الذين باتوا) على ما هو أعم من المبيت بالليل وبالإقامة بالنهار، فلا يختص ذلك حينئذ بليل دون نهار، ولا نهار دون ليل، بل كل طائفة منهم إذا صعدت سئلت، ويكون فيه استعمال لفظ بات في أقام مجازا، ويكون قوله: (فيسألهم)؛ أي: كلا من الطائفتين في الوقت الذي تصعد فيه، ويدل على هذا ما رواه ابن خزيمة في (صحيحه) والسراج في (مسنده) جميعا، عن يوسف بن موسى، عن جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل، وتثبت ملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتبيت ملائكة الليل، فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ الحديث. وهذا فيه التصريح بسؤال كل من الطائفتين. قوله: (فيسألهم) الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستعطافهم بما يقتضي العطف عليهم. وقيل: كان ذلك لإظهار الحكمة في خلق بني آدم في مقابلة من قال من الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها الآية، والمعنى أنه قد وجد فيهم من يسبح ويقدس مثلكم بنص شهادتكم.

                                                                                                                                                                                  وقال عياض : هذا السؤال على سبيل التعبد للملائكة، كما أمروا أن يكتبوا أعمال بني آدم، وهو سبحانه وتعالى أعلم من الجميع بالجميع. قوله: (كيف تركتم) قال ابن أبي حمزة: وقع السؤال عن آخر الأعمال؛ لأن الأعمال بخواتيمها قال: والعباد المسؤول عنهم هم الذين ذكروا في قوله تعالى: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان قوله: (تركناهم وهم يصلون)، وأتيناهم وهم يصلون، فإن قلت: كان مقتضى الحال أن يبدؤوا أولا بالإتيان، ثم بالترك ولم يراعوا الترتيب، (قلت): لأن المقصود هو الإخبار عن صلاتهم، والأعمال بخواتيمها، فناسب أن يخبروا عن آخر أعمالهم قبل أولها.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : الواو في قوله: (وهم يصلون) واو الحال؛ أي: تركناهم على هذه الحال، فإن قلت: يلزم من هذا أنهم فارقوهم قبل انقضاء الصلاة فلم يشهدوها معهم، والخبر ناطق بأنهم شهدوها، (قلت): الخبر محمول على أنهم شهدوا الصلاة مع من صلاها في أول وقتها، وشهدوا من دخل فيها بعد ذلك ومن شرع في أسباب ذلك، فإن قيل ما الفائدة في قولهم: وأتيناهم، وكان السؤال عن كيفية الترك، وأجيب بأنهم زادوا في الجواب إظهارا لبيان فضيلتهم وحرصا على ذكر ما يوجب مغفرتهم، كما هو وظيفتهم فيما أخبر الله عنهم بقوله: ويستغفرون للذين آمنوا .

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه) فيه أن الصلاة أعلى العبادات؛ لأنه عليها وقع السؤال والجواب، وفيه التنبيه على أن الفجر والعصر من أعظم الصلوات، كما ذكرناه، وفيه الإشارة إلى شرف هذين الوقتين، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وأن الأعمال ترفع آخر النهار، فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه، وفي عمله، وفيه إشارة إلى تشريف هذه الأمة على غيرها، ويلزم من ذلك تشريف نبينا على غيره من الأنبياء عليهم السلام، وفيه الإيذان بأن الملائكة تحب هذه الأمة ليزدادوا فيهم حبا، ويتقربون بذلك إلى الله تعالى، وفيه الدلالة على أن الله تعالى يتكلم مع ملائكته، وفيه الحث على المثابرة على صلاة العصر؛ لأنها تأتي في وقت اشتغال الناس.

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم: استدل بعض الحنفية بقوله: (ثم يعرج الذين باتوا فيكم)، على استحباب تأخير صلاة العصر ليقع عروج الملائكة إذا فرغ منها آخر النهار، ثم قال: وتعقب بأن ذلك غير لازم؛ إذ ليس في الحديث ما يقتضي أنهم لا يصعدون إلا ساعة الفراغ من الصلاة، بل جائز أن تفرغ الصلاة ويتأخروا بعد ذلك إلى آخر النهار، ولا مانع أيضا من أن تصعد ملائكة النهار وبعض النهار باق، ويقيم ملائكة الليل، انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): هذا [ ص: 47 ] القائل ذكر في هذا الموضع ناقلا عن البعض: أن ملائكة الليل إذا صلوا الفجر عرجوا في الحال، وملائكة النهار إذا صلوا العصر لبثوا إلى آخر النهار، لضبط بقية عمل النهار، ثم قال: وهذا ضعيف؛ لأنه يقتضي أن ملائكة النهار لا يسألون، وهو خلاف ظاهر الحديث، والعجب منه أنه ناقض كلامه الذي ذكره في التعقيب على ما لا يخفى، وبمثل هذا التصرف لا يتوجه الرد على المستدلين بقوله: (ثم يعرج الذين باتوا فيكم) على استحباب تأخير صلاة العصر.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية