الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وله ) مع الأداء بنفسه في المالين ( التوكيل ) فيه لأنه حق مالي فجاز أن يوكل في أدائه كديون الآدميين وشمل إطلاقه ما لو كان الوكيل كافرا أو رقيقا أو سفيها أو صبيا مميزا . نعم يشترط في الكافر والصبي تعيين المدفوع إليه كما في البحر ، وذكر البغوي مثله في الصبي وسكت عن الكافر ( والصرف ) بنفسه أو وكيله ( إلى الإمام ) أو الساعي ; لأنه نائب المستحقين فجاز الدفع إليه ، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة لأخذ الزكوات ( والأظهر أن الصرف إلى الإمام أفضل ) من تفريقه بنفسه أو وكيله إلى المستحقين لأن الإمام أعرف بهم وأقدر على الاستيعاب ولتيقن البراءة بتسليمه ، بخلاف تفرقة المالك أو نائبه فقد يعطيها لغير مستحق ، ولو اجتمع الإمام والساعي فالدفع إلى الإمام أولى كما قاله الماوردي ( إلا أن يكون جائزا ) فتفريق المالك بنفسه أفضل من التسليم إليه كما أن ذلك أفضل من التسليم لوكيله لأنه على يقين من فعل نفسه وفي شك من فعل غيره ، والتسليم للوكيل أفضل منه إلى الجائر لظهور خيانته . قال في المجموع : إلا الظاهرة فبتسليمها إلى الإمام ولو جائرا أفضل من تفريق المالك [ ص: 137 ] أو وكيله ، وقد علم مما قررناه صحة عبارة المصنف هنا وأنها لا تخالف ما في المجموع . لأنا نقول : قوله إلا أن يكون جائزا فيه تفصيل ، والمفهوم إذا كان كذلك لا يرد ، ثم إن لم يطلبها الإمام فللمالك تأخيرها ما دام يرجو مجيء الساعي فإن أيس من مجيئه وفرق فجاء وطالبه وجب تصديقه ، ويحلف ندبا إن اتهم ولو طلب أكثر من الواجب ، لم يمنع من الواجب ، وإذا أخذها الإمام فهل بالولاية لا بالنيابة كما في تعليق القاضي وهو المعتمد وإن نوزع فيه بدليل أنه لا يتوقف أخذها على مطالبة المستحقين ، والمراد بالعدل العدل في الزكاة وإن كان جائرا في غيرها كما في الكفاية عن الماوردي ، وظاهره أنه تفسير لكلام الأصحاب في المراد بالعدل والجور هنا ، ومقابل الأظهر تفضيل الصرف إلى الإمام مطلقا . وقيل : المالك بنفسه مطلقا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : تعيين المدفوع إليه ) أي ويشترط للبراءة العلم بوصولها للمستحق .

                                                                                                                            ( قوله : وسكت عن الكافر ) قضيته أنه لا يشترط التعيين في السفيه ولا في الرقيق والقياس أنهما كالصبي المميز .

                                                                                                                            ( قوله : إلى الإمام أفضل ) أي سواء في ذلك زكاة الظاهر والباطن .

                                                                                                                            ( قوله : فقد يعطيها لغير مستحق ) أي فلا تجزئه .

                                                                                                                            ( قوله : وفي شك من فعل غيره ) هذا لا يتأتى فيما لو حضر عند أداء الوكيل ، لكن يخلفه شيء آخر وهو مباشرته للعبادة بنفسه [ ص: 137 ]

                                                                                                                            ( قوله : وقد علم مما قررناه ) أي بما نقله عن المجموع .

                                                                                                                            ( قوله : لم يمنع من الواجب ) أي بل يعطاه ولا يقال بطلبه الزائد انعزل عن ولاية القبض ( قوله : وظاهره ) أي ما في الكفاية من قوله والمراد بالعدل إلخ .

                                                                                                                            ( قوله : وقيل المالك ) أي صرف إلخ .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 136 - 137 ] قوله : وقد علم بما قررناه صحة عبارة المصنف هنا وأنها لا تخالف ما في المجموع ) أي بالنظر إلى ما سيذكره في قوله لأنا نقول إلخ ، وإلا فما ذكره بمجرده لا يفيد نفي المخالفة كما لا يخفى وفي هذا السياق قلاقة ( قوله : والمفهوم إذا كان فيه تفصيل إلخ ) أي فكأن المصنف قال : الصرف إلى الإمام أفضل إلا أن يكون جائرا فليس الصرف إليه أفضل على الإطلاق بل فيه تفصيل ( قوله : لا بالنيابة ) أي عن الفقراء كما يعلم مما بعده




                                                                                                                            الخدمات العلمية