الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 314 ] فصل

وأما ذو الحليفة فهي أبعد المواقيت عن مكة كأنها - الله أعلم - تصغير حلفة ، وحليفة ، وهي واحدة الحلفاء ، وهي خشب ينبت في الماء بينها وبين مكة عشر مراحل ، وهي من المدينة على ميل ، هكذا ذكره القاضي ، وأظن هذا غلطا بل هي من المدينة على فرسخ ، وبها المسجد الذي أحرم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والبئر الذي تسميها العامة بئر علي ، وحدها [ ص: 315 ] من . . . .

ويليها في البعد الجحفة ، قيل : سميت بذلك ؛ لأن السيل أجحف بأهلها إلى الجبل الذي هناك ، وهي من مكة على ثلاث مراحل ، وتسمى مهيعة ، وهي التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم بنقل حمى المدينة إليها ، وهي قرية قديمة ، وهي اليوم خراب ، وبها أثر الحمام التي دخلها ابن عباس ، وهو محرم ، وقد صار الناس لأجل خرابها يحرمون قبلها من رابغ لأجل أن بها الماء للاغتسال .

[ ص: 316 ] وأما قرن بسكون الراء فيقال له قرن الثعالب ، وقرن المنازل ، وهو . . . . وبينه وبين مكة مرحلتان فهو ميقات لأهل نجد والطائف وتهامة نجد وما بتلك النواحي .

وأما يلملم ويقال له ألملم فهو جبل بتهامة ، وبينه وبين مكة مرحلتان ، وهي ميقات لأهل اليمن وتهامة اليمن ، وهو تهامة المعروف .

وذات عرق وبينها وبين مكة مرحلتان قاصدتان . . . .

[ ص: 317 ] وهذه المواقيت هي الأمكنة التي سماها رسول الله بعينها في زمانه ، ولو كان قرية فخربت ، وبني غيرها ، وسميت بذلك الاسم ، فالميقات هو القرية القديمة ؛ لأنه هو الموضع الذي عينه الشارع للإحرام ، ويشبه - والله أعلم - أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جعلها على حد متقارب مرحلتان لكونه مسافة القصر إلا ميقات أهل المدينة فإن مسافة سفرهم قريبة إذ هي أكبر الأمصار الكبار إلى مكة ، فلما كان غيرهم يقطع مسافة بعيدة بين مصره ومكة ، عوض عن ذلك بأن قصرت عنه مسافة إهلاله ، وأهل المدينة لا يقطعون إلا مسافة قريبة فجعلت عامتها إهلالا ، وأهل الشام أقرب من غيرهم فكذلك كان ميقاتهم أبعد ، ومن مر على غير بلده فإنه بمروره في ذلك المصر يجد من الرفاهية والراحة ما يلحقه بأهل ذلك البلد .

التالي السابق


الخدمات العلمية