الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      واختلف في أكثر ما ينتهي إليه الضرب في التعزير ، فظاهر مذهب الشافعي أن أكثره في الحر تسعة وثلاثون سوطا لينقص عن أقل الحدود في الخمر ، فلا يبلغ بالحر أربعين وبالعبد عشرين ، وقال أبو حنيفة : أكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطا في الحر والعبد ، وقال أبو يوسف أكثره خمسة وسبعون .

                                      وقال مالك : لا حد لأكثره ، ويجوز أن يتجاوز به أكثر الحدود وقال أبو عبد الله الزبيري تعزير كل ذنب مستنبط من حده المشروع فيه وأعلاه خمسة وسبعون يقصر به عن حد القذف بخمسة أسواط ، فإن كان الذنب في التعزير بالزنا روعي منه ما كان ، فإن أصابوها بأن نال منها ما دون الفرج ضربوهما أعلى التعزير ، وهو خمسة وسبعون سوطا ، وإن وجدوهما في إزار لا حائل بينهما متباشرين غير متعاملين للجماع ضربوهما ستين سوطا ، وإن وجدوهما غير متباشرين ضربوهما أربعين سوطا ، وإن وجدوهما خاليين في بيت عليهما ثيابهما ضربوهما ثلاثين سوطا ، وإن وجدوهما في طريق يكلمها وتكلمه ضربوهما عشرين سوطا ، وإن وجدوه يتبعها ، ولم يقفوا على ذلك يحققوا ، وإن وجدوهما يشير إليها وتشير إليه بغير كلام ضربوهما عشرة أسواط ، وهكذا يقول في التعزير بسرقة ما لا يجب فيه القطع ، فإذا سرق نصابا من غير حرز ضرب أعلى التعزير خمسة وسبعين سوطا ، وإذا سرق من حرز أقل من نصاب ضرب ستين سوطا .

                                      وإذا سرق أقل من نصاب من غير حرز ضرب خمسين سوطا ، فإذا جمع المال في الحرز ، واسترجع منه قبل إخراجه ضرب أربعين سوطا ، وإذا نقب الحرز ودخل ولم يأخذ ضرب ثلاثين سوطا .

                                      وإذا نقب الحرز ولم يدخل ضرب عشرين سوطا .

                                      وإذا تعرض للنقب أو لفتح باب ولم يكمله ضرب عشرة أسواط .

                                      وإذا وجد معه منقب أو كان مرصدا للمال يحقق ثم على هذه العبارة فيما سوى هذين ، وهذا الترتيب وإن كان مستحسنا في [ ص: 295 ] الظاهر فقد تجرد الاستحسان فيه عن دليل يتقدر به ، وهذا الكلام في أحد الوجوه التي يختلف فيها الحد والتعزير .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية