الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 315 ) مسألة قال : ( فإن أسبغ بدونهما أجزأه ) معنى الإسباغ أن يعم جميع الأعضاء بالماء بحيث يجري عليها ; لأن هذا هو الغسل ، وقد أمرنا بالغسل : قال أحمد : إنما هو الغسل ليس المسح ، فإذا أمكنه أن يغسل غسلا وإن كان مدا أو أقل من مد ، أجزأه . وهذا مذهب الشافعي وأكثر أهل العلم ، وقد قيل : لا يجزئ دون الصاع في الغسل والمد في الوضوء . وحكي هذا [ ص: 142 ] عن أبي حنيفة ; لأنه روي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يجزئ من الوضوء مد ، ومن الجنابة صاع } . والتقدير بهذا يدل على أنه لا يحصل الإجزاء بدونه .

                                                                                                                                            ولنا ، أن الله تعالى أمر بالغسل وقد أتى به ، فيجب أن يجزئه ، وقد روي عن عائشة { أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، يسع ثلاثة أمداد ، أو قريبا من ذلك } رواه مسلم . وعن عبد الله بن زيد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مد .

                                                                                                                                            وحديثهم إنما دل بمفهومه . وهم لا يقولون به ، ثم إنه إنما يدل بشرط أن لا يكون للتخصيص فائدة سوى تخصيص الحكم به ، وهاهنا إنما خصه لأنه خرج مخرج الغالب ; لأنه لا يكفي في الغالب أقل من ذلك ، ثم ما ذكرناه منطوق ، وهو مقدم على المفهوم اتفاقا .

                                                                                                                                            وقد روى الأثرم ، عن القعنبي ، عن سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن عطاء ، أنه سمع سعيد بن المسيب ، ورجلا من أهل العراق يسأله عما يكفي الإنسان من غسل الجنابة ؟ فقال سعيد : إن لي تورا يسع مدين من ماء ونحو ذلك ، فأغتسل به ، ويكفيني ، ويفضل منه فضل . فقال الرجل : فوالله إني لأستنثر وأتمضمض بمدين من ماء ونحو ذلك . فقال سعيد بن المسيب : فبم تأمرني إن كان الشيطان يلعب بك ؟ فقال له الرجل : فإن لم يكفني ، فإني رجل كما ترى عظيم . فقال له سعيد بن المسيب : ثلاثة أمداد . فقال : ثلاثة أمداد قليل . فقال له سعيد فصاع . وقال سعيد : إن لي ركوة أو قدحا ما يسع إلا نصف المد ماء أو نحوه ، ثم أبول ثم أتوضأ وأفضل منه فضلا . قال عبد الرحمن : فذكرت هذا الحديث الذي سمعت من سعيد بن المسيب لسليمان بن يسار ، فقال سليمان : وأنا يكفيني مثل ذلك . قال عبد الرحمن : فذكرت ذلك لأبي عبيدة بن عمار بن ياسر ، فقال أبو عبيدة : وهكذا سمعنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                            . وقال إبراهيم النخعي : إني لأتوضأ من كوز الحب مرتين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية