الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 81 ] ذكر عدة حوادث

وفيها وصل عسكر من مصر إلى حلب وبها صاحبها ثمال بن صالح بن مرداس ، فخافهم لكثرتهم فانصرف عنها ، فملكها المصريون‏ .

وفيها في ذي القعدة ارتفعت سحابة سوداء مظلمة ليلا‏ ، فزادت ظلمتها على ظلمة الليل ، وظهر في جوانب السماء كالنار المضطرمة ، ( وهبت معها ريح شديدة قلعت رواشن دارالخليفة ) ، وشاهد الناس من ذلك ما أزعجهم وخوفهم ، فلزموا الدعاء والتضرع ، فانكشفت في باقي الليل‏ .

وفيها في شعبان سار البساسيري من بغداذ إلى طريق خراسان ، وقصد ناحية الدزدار وملكها وغنم ما فيها ، وكان سعدي بن أبي الشوك قد ملكها ، وقد عمل لها سورا وحصنها ، وجعلها معقلا يتحصن فيه ، ويدخر بها كل ما يغنمه ، فأخذه البساسيري جميعه‏ .

وفيها منع أهل الكرخ من النوح وفعل ما جرت عادتهم بفعله يوم عاشوراء ، فلم يقبلوا ، وفعلوا ذلك ، فجرى بينهم وبين السنة فتنة عظيمة قتل فيها وجرح كثير من الناس ، ولم ينفصل الشر بينهم حتى عبر الأتراك وضربوا خيامهم عندهم ، فكفوا حينئذ ، ثم شرع أهل الكرخ في بناء سور على الكرخ ، فلما رآهم السنة من القلائين ومن يجري مجراهم شرعوا في بناء سور على سوق القلائين ، وأخرج الطائفتان في العمارة مالا جليلا ، وجرت بينهما فتن كثيرة ، وبطلت الأسواق وزاد الشر ، حتى انتقل كثير من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي فأقاموا به ، وتقدم الخليفة إلى أبي محمد بن النسوي بالعبور وإصلاح الحال وكف الشر ، فسمع أهل الجانب الغربي [ ص: 82 ] ذلك ، فاجتمع السنة والشيعة ( على المنع ) منه ، وأذنوا في القلائين وغيرها بحي على خير العمل ، وأذنوا في الكرخ‏ : ‏ الصلاة خير من النوم ، وأظهروا الترحم على الصحابة ، فطل عبوره‏ .

[ الوفيات ]

وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ ، كان إماما صحب عبد الغني بن سعيد وتخرج به ، ومن تلامذته الخطيب أبو بكر‏ .

وفيها توفي الملك العزيز أبو منصور بن جلال الدولة ، وقد ذكرنا تنقل الأحوال به فيما تقدم ، وله شعر حسن‏ .

وفيها توفي أحمد بن محمد بن أحمد أبو الحسن العتيقي ، نسب إلى جد له يسمى عتيقا ، ومولده سنة سبع وستين وثلاثمائة‏ .

وفيها توفي أبو الفائز عبد الوهاب ابن أقضى القضاة أبي الحسن الماوردي ، وكانت شهادته سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة ، وقبلها القاضي في بيت النوبة ، ولم يفعل ذلك مع غيره ، وإنما فعل معه هذا احتراما لأبيه‏ .

التالي السابق


الخدمات العلمية