الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      ولو تعلق بالتعزير حق لآدمي كالتعزير في الشتم والمواثبة ففيه حق المشتوم والمضروب ، وحق السلطنة للتقويم والتهذيب ، فلا يجوز لولي الأمر أن يسقط بعفوه حق المشتوم والمضروب ، وعليه أن يستوفي له حقه من تعزير الشاتم والضارب ، فإن عفا المضروب والمشتوم كان ولي الأمر بعد عفوهما على خياره في فعل الأصلح من التعزير تقويما والصفح عنه عفوا ، فإن تعافوا عن الشتم والضرب قبل الترافع إليه سقط التعزير الآدمي .

                                      واختلف في سقوط حق السلطنة عنه والتقويم على الوجهين .

                                      أحدهما وهو قول أبي عبد الله الزبيري أنه يسقط ، وليس لولي الأمر أن يعزر فيه ; لأن حد القذف أغلظ ويسقط حكمه بالعفو فكان حكم التعزير بالسلطنة أسقط .

                                      والوجه الثاني هو الأظهر أن لولي الأمر أن يعزر فيه مع العفو قبل الترافع إليه كما يجوز أن يعزر فيه مع العفو بعد الترافع إليه مخالفة للعفو عن حد القذف في الموضعين لأن التقويم من حقوق المصلحة العامة ، ولو تشاتم وتواثب والد مع ولد سقط تعزير الوالد في حق الولد ولم يسقط تعزير الولد في حق الوالد كما لا يقتل الوالد بولده ، ويقتل الولد بوالده وكان تعزير الأب مختصا بحق السلطنة ، والتقويم لا حق فيه للولد .

                                      ويجوز لولي الأمر أن ينفرد بالعفو عنه ، وكان تعزير الولد مشتركا بين حق الولد وحقوق السلطنة ، فلا يجوز لولي [ ص: 296 ] الأمر أن ينفرد بالعفو عنه مع مطالبة الوالد به حتى يستوفيه له وهذا الكلام في الوجه الثاني الذي يختلف فيه الحد والتعزير .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية