الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2290 - مسألة : قطع الدراهم ؟ نا عبد الله بن محمد بن علي الباجي نا أحمد بن خالد نا أبو عبيد بن محمد الكشوري نا محمد بن يوسف الحذافي نا عبد الرزاق نا داود بن قيس أخبرني خالد بن أبي ربيعة أن ابن الزبير حين قدم مكة وجد رجلا يقرض الدراهم فقطع يده .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب نا عبد الجبار بن عمر عن أبي عبد الرحمن التيمي ، قال : كنت عند عمر بن عبد العزيز وهو إذ ذاك أمير على المدينة - فأتي برجل يقطع الدراهم - وقد شهد عليه - فضربه ، وحلقه ، وأمر به فطيف به وأمره أن يقول : هذا جزاء من يقطع الدراهم ، ثم أمر به أن يرد إليه ، فقال : أما إني لم يمنعني من أن أقطع يدك إلا أني لم أكن تقدمت في ذلك قبل اليوم ، وقد تقدمت في ذلك ، فمن شاء فليقطع ؟ [ ص: 364 ] قال أبو محمد رحمه الله : وروينا من طريق سعيد بن المسيب أنه قال : وددت أني رأيت الأيدي تقطع في قرض الدنانير والدراهم ؟ قال أبو محمد رحمه الله : معنى هذا : أنه كانت الدراهم يتعامل بها عددا دون وزن ، فكان من عليه دراهم أو دنانير يقرض بالجلم من تدويرها ، ثم يعطيها عددا ، ويستفضل الذي قطع من ذلك ؟ قال أبو محمد رحمه الله : فهذا عمل ابن الزبير - وهو صاحب - لا يعرف له مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم - والحنفيون يجعلون نزحه زمزم من زنجي وقع فيها حجة وإجماعا لا يجوز خلافه في نصر باطلهم ، في أن الماء ينجسه ما وقع فيه - وإن لم يغيره - وليس في خبرهم : أن زمزم لم تكن تغيرت ، ولعلها قد كانت تغيرت ، ولعل الماء كان فيها قدر أقل من قلتين كما يقول الشافعي .

                                                                                                                                                                                          وكيف ، وقد صح أن المؤمن لا ينجس ، وهم يحتجون بهذا ، وإسقاطهم السنة الثابتة في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم { من غسل ميتا فليغتسل } فهم يحتجون بأن المؤمن لا ينجس حيث لا مدخل له فيه ، وليس الغسل من غسل الميت تنجيسا من الميت ، ولا كرامة ، بل هو طاهر - إن كان مؤمنا - لكنها شريعة ، كالغسل من الإيلاج - وإن كان كلا الفرجين طاهرا - وكالغسل من الاحتلام .

                                                                                                                                                                                          فإن ذكروا - ما نا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبد الملك بن عبد العزيز أن عبد الله بن الزبير ضرب رجلا في قطع الدنانير والدراهم ؟ قلنا - وبالله تعالى التوفيق : هذا لا يخالفه ما ذكرنا عنه قبل ; لأن هذا ليس فيه : أنه قرض مقدار ما يجب فيه القطع ، فلا يلزمه قطع .

                                                                                                                                                                                          وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يأت عنه عليه السلام إيجاب القطع في قرض الدنانير ، والدراهم ، ولا يقع عليه اسم سارق ولا مستعير - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية