الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 309 ] ولولي صغير فسخ عقده ، فلا مهر ولا عدة وإن زوج بشروط أو أجيزت ، وبلغ وكره فله التطليق ، [ ص: 310 ] وفي نصف الصداق قولان عمل بهما ، والقول لها إن العقد وهو كبير

التالي السابق


( ولولي صغير ) حر عقد لنفسه على زوجة بغير إذنه ( فسخ عقده ) أي الصغير وله إمضاؤه إن استوت المصلحة فيهما ، فإن تعينت في أحدهما تعين فاللام للاختصاص وفسخه طلاق لصحته قاله الحط . قال ابن المواز إذا لم يرد نكاح الصبي حتى كبر وخرج من الولاية جاز النكاح . ابن رشد ينبغي أن ينتقل إليه النظر فيمضي أو يرد .

إن قيل ما الفرق بين نكاح الصبي يصح ويخير فيه وليه وطلاقه لا يصح . قيل فرق القرافي بأن النكاح سبب للإباحة والصبي من أهلها ، والطلاق سبب للتحريم ، وهو ليس من أهله . وفرق المشذالي بأن الطلاق حد ولا حد على الصبي ، ولذا تشطر طلاق العبد ، والنكاح معاوضة فلذا خير فيه وليه .

وإذا فسخ نكاح الصغير ( فلا مهر ) على الصغير ولو كانت بكرا وافتضها لأنها سلطته أو وليها على نفسها . ابن عبد السلام ينبغي أن يكون لها ما شأنها حينئذ وجزم به أبو الحسن فلم يقل ينبغي ، ومثله في نقل المواق إن كانت صغيرة ( ولا عدة ) على زوجة الصغير لفسخ نكاحه ولو وطئها ، وإن مات عنها قبل فسخه فعليها عدة وفاة ولو لم يطأها ( وإن زوج ) بضم فكسر مثقلا أي زوج الصغير وليه ( بشروط ) تلزم البالغ كإن تزوج أو تسرى عليها طلقت إحداهما أو عتقت الأمة ( أو ) زوج الصغير نفسه بها و ( أجيزت ) بضم الهمز أي أجاز وليه عقده بشروطه ( وبلغ ) الصغير وخرج من الحجر قبل دخوله بالزوجة ولم يدخل بها بعده عالما بها ( وكره ) بفتح الكاف الصبي الشروط ولم تسقطها الزوجة فيما لها إسقاطه ككون أمرها أو أمر الطارئة بيدها ( فله ) أي الصغير ( التطليق ) وتسقط عنه الشروط ونصف الصداق على أحد القولين الآتيين ، ولا تعود عليه إن تزوجها بعد ذلك ولو بقي من العصمة الأولى شيء ، وهذه فائدة التطليق ، بخلاف من تزوج بالغا بشروط وطلقها بائنا ثم تزوجها فتعود بشروطها إن بقي من العصمة [ ص: 310 ] الأولى شيء ، فإن كان دخل بها قبل بلوغه سقطت عنه الشروط لتمكينها من لا تلزمه وإن دخل بها بعد بلوغه عالما بها لزمته الشروط .

( و ) إذا طلقها ف ( في ) لزوم ( نصف الصداق ) وعدمه ( قولان عمل ) بضم فكسر ( بهما ) أي القولين ظاهره أن القولين مفرعان على الفسخ ، وصرح به في التوضيح وهو تابع فيه للمتيطي وابن رشد وابن حارث وابن يونس وابن عات وابن سلمون وغيرهم . وذكر البناني نصوصهم فاعتراض طفي عليه وعلى شراحه ساقط وإن قال في آخر كلامه ولخفاء ما قلناه على الشراح خبطوا هنا خبط عشواء وأجابوا بأجوبة ليس لها جدوى اغترارا منهم بظاهر المصنف .

( و ) لو قال الزوج بعد بلوغه إن العقد على الشروط وأنا صغير وخالفته الزوجة أو وليها فقال ابن القاسم ( القول لها إن العقد وهو كبير ) بيمينها ولو سفيهة وعلى الصبي أو وليه إثبات أن العقد وهو صغير لاتفاقهما على انعقاده وهي تدعي اللزوم وهو أو وليه يدعي عدمه ، ويريد حله ويؤخر يمين الصغيرة لبلوغها ، فإن كانت الدعوى من وليها حلف أبا كان أو وصيا على الراجح كما أفاده ابن عرفة . وأشعر كلام المصنف أنهما لو اتفقا على وقوع العقد في حال الصغر واختلفا في التزام الشروط بعد البلوغ فلا يكون القول قولها وهو كما أشعر إذ القول له بيمين وله ردها على صهره قاله في الطرر .




الخدمات العلمية