الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأجيب بمنع ذلك في المختلفة والمتضادة . ولا يفيد في غيرها . ولو سلم فالمتعقل متناه .

            [ ص: 167 ] وإن سلم فلا نسلم أن [ المتركب ] من المتناهي ، متناه . وأسند بأسماء العدد . وإن سلم منعت الثانية ويكون كأنواع الروائح .

            التالي السابق


            ش - لما كان الدليل المذكور فاسدا ، ذكر بيان فساده . وتقريره أن يقال : لا نسلم صدق الملازمة .

            قوله : لأن المعاني غير متناهية . قلنا : إن أردتم بكون المعاني غير متناهية : [ أن ] المعاني المتضادة ، وهي الأمور الوجودية التي يمتنع اجتماعها على محل واحد في زمان واحد ، كالسواد والبياض والحمرة . والمختلفة ، وهي الأمور التي حقيقتها مختلفة ولا يمتنع اجتماعها في محل كالحركة والبياض والضحك والكتابة ، غير متناهية ، فلا نسلم أنها غير متناهية .

            وإن أردتم أن غير المتضادة والمختلفة ، أعني المتماثلة - وهي الأمور المتفقة الحقائق ، كأفراد الأنواع الحقيقية - غير متناهية ، فنسلم أنها غير متناهية ، ولكن لا يفيد عدم تناهيها في بيان الملازمة ; إذ يكفي أن يوضع اللفظ بإزاء الحقيقة المشتركة بالتواطؤ ، فلا يلزم خلوها عن الأسماء ; ضرورة تناول اللفظ الموضوع للحقيقة المشتركة بينها إياها .

            ولئن سلمنا أن المختلفة والمتضادة غير متناهية ، وأن المتماثلة [ ص: 168 ] لا يكفي وضع اللفظ بإزاء الحقيقة المشتركة بينها ، فلا نسلم أن ما يجب أن يوضع اللفظ له ، غير متناه . وذلك لأن ما يجب أن يوضع له اللفظ لا بد وأن يكون متعقلا ; إذ غير المتعقل لا يمكن أن يوضع اللفظ له ، والمتعقل منها متناه ; لامتناع إحاطة الذهن بالأمور الغير المتناهية .

            ولئن سلمنا أن المعاني المعقولة غير متناهية ، لكن لا نسلم أن الألفاظ متناهية .

            قوله : لأنها مركبة من الحروف المتناهية . قلنا : لا نسلم أن المركب من المتناهي ، متناه . وسنده أن أسماء العدد متناهية ، والمركب منها غير متناه .

            ولئن سلمنا أن المركب من المتناهي متناه حتى يلزم صدق الملازمة لكن لا نسلم انتفاء التالي . [ وإليه أشار ] بقوله : وإن سلمت منعت الثانية ، يعني المقدمة الاستثنائية . وهي استثناء [ نقيض ] التالي ; فإنه من الجائز خلو أكثر المسميات عن الألفاظ ، كأنواع الروائح ; فإن أكثرها خلا عن الألفاظ .




            الخدمات العلمية