الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم ) ( 117 ) .

[ ص: 493 ] قوله تعالى : ( من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ) : في فاعل كاد ثلاثة أوجه : أحدها : ضمير الشأن ، والجملة بعده في موضع نصب . والثاني : فاعله مضمر تقديره : من بعد ما كاد القوم ، والعائد على هذا الضمير في منهم . والثالث : فاعلها القلوب ، ويزيغ في نية التأخير ، وفيه ضمير فاعل ، وإنما يحسن ذلك على القراءة بالتاء ، فأما على القراءة بالياء فيضعف ، على أن أصل هذا التقدير ضعيف ، وقد بيناه في قوله : ( ما كان يصنع فرعون ) [ الأعراف : 137 ] .

قال تعالى : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ) ( 118 ) .

قوله تعالى : ( وعلى الثلاثة ) : إن شئت عطفته على النبي - صلى الله عليه وسلم - أي : تاب على النبي وعلى الثلاثة ، وإن شئت على " عليهم " ؛ أي : ثم تاب عليهم وعلى الثلاثة .

( لا ملجأ من الله ) : خبر " لا " : " من الله " .

( إلا إليه ) : استثناء مثل لا إله إلا الله .

قال تعالى : ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ) ( 120 ) .

قوله تعالى : ( موطئا ) : يجوز أن يكون مكانا ، فيكون مفعولا به ، وأن يكون مصدرا مثل الموعد .

قال تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) ( 122 ) .

قوله تعالى : ( فرقة منهم ) : يجوز أن يكون " منهم " صفة لفرقة ، وأن يكون حالا من : " طائفة " .

[ ص: 494 ] قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ) ( 123 ) .

قوله تعالى : ( غلظة ) : يقرأ بكسر الغين وفتحها وضمها ، وكلها لغات .

قال تعالى : ( وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون ) ( 127 ) .

قوله تعالى : ( هل يراكم ) : تقديره : يقولون : هل يراكم .

قال تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) ( 128 ) .

قوله تعالى : ( عزيز عليه ) : فيه وجهان : أحدهما : هو صفة لرسول ، و " ما " مصدرية ، موضعها رفع بعزيز . والثاني : أن " ما غنمتم " مبتدأ ، و " عزيز عليه " خبر مقدم ، والجملة صفة لـ " رسول " .

( بالمؤمنين ) : يتعلق بـ " رءوف " .

التالي السابق


الخدمات العلمية