الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وللسيد رد نكاح عبده بطلقة فقط بائنة ، [ ص: 311 ] إن لم يبعه إلا أن يرد به أو يعتقه ، ولها ربع دينار إن دخل ، واتبع عبد ومكاتب بما بقي ، إن غرا ، [ ص: 312 ] إن لم يبطله سيد أو سلطان ، وله الإجازة إن قرب ولم يرد الفسخ أو يشك في قصده ، ولولي سفيه فسخ عقده .

التالي السابق


( وللسيد ) أي المالك ذكرا كان أو أنثى ( رد نكاح عبده ) الذكر القن ومن فيه شائبة كمكاتب ومدبر ومعتق لأجل ، ومبعض ، الذي عقده بلا إذنه ، وله إجازته ، ولو طال بعد العلم إن لم يمتنع منها قبل وإلا فله إجازة إن قرب كما يأتي واللام للتخيير فله رده ولو كانت المصلحة في إبقائه لأنه لا يجب عليه فعل المصلحة مع عبده . وأما الأنثى ، فيتحتم رد نكاحها بلا إذنه ( بطلقة ) لصحته ( فقط ) لا أزيد على المشهور فلو أوقع طلقتين فلا يلزم العبد إلا واحدة على الراجح ( بائنة ) لأنها جبرية ولأن الطلاق الرجعي [ ص: 311 ] إنما يكون في نكاح لازم حل وطؤه ، وهذا ليس لازما وطؤه ممنوع . ولفظ بائنة ليس من مقول السيد عند الرد ، وإنما هو من كلام المصنف لبيان الحكم بدليل قوله فقط وعبارة المدونة لسيده أن يطلق عليه طلقة بائنة ا هـ . ويتعين جره بالتبعية لطلقة لامتناع قطع نعت النكرة التي لم تنعت بنعت متبع قبله ، ومحل رد السيد نكاح عبده بلا إذنه ( إن لم يبعه ) أي السيد العبد ، فإن باعه فإن له رد نكاحه لخروجه عن ملكه وليس للمشتري رده أيضا لسبق نكاحه ملكه .

واستثنى من مفهوم إن لم يبعه أي فإن باعه فلا رد له في كل حال ( إلا أن يرد ) بضم ففتح أي العبد لبائعه ( به ) أي الترويج فله رده إن كان باعه غير عالم به وإلا فلا على ظاهر المدونة . وقيل له رده فإن أعتقه المشتري ثم اطلع على عيب التزويج رجع بأرشه على البائع ، لأنه الذي مكنه من عتقه ببيعه له . وقيل لا يرجع به عليه لقول البائع له عتقك منعني من فسخه . ومفهوم به أنه لو علم المشتري بتزوجه ورضيه ورده بغيره رجع البائع عليه بأرش عيب التزويج لأنه كأنه حدث عنده وليس للبائع رد نكاحه لأخذه أرشه ، وإن لم يعلم المشتري به فلا رجوع للبائع عليه وله رد نكاحه .

( أو يعتقه ) بضم أوله أي السيد العبد عطف على يبعه ، فإن أعتقه فلا يرد نكاحه لسقوط حقه بعتقه ( ولها ) أي زوجة العبد المردود نكاحه ( ربع دينار ) من مال العبد فإن لم يكن له مال أتبعته في ذمته ( إن ) كان ( دخل ) العبد بزوجته وهو بالغ وإلا فلا شيء لها والدليل على أنه من ماله قوله ( واتبع ) بضم المثناة وكسر الموحدة ( عبد ) قن ( ومكاتب ) بعد عتقهما ( بما بقي ) من المسمى بعد ربع الدينار والدليل على أنه في البالغ ما تقدم أن دخول الحر الصغير لا يوجب شيئا

ولو افتضها فالعبد الصغير أحرى ( إن غرا ) أي العبد والمكاتب الزوجة بأنهما حران [ ص: 312 ] كذا في بعض النسخ ، وهو الذي اختصر عليه المدونة . ابن أبي زيد والبرادعي وابن أبي زمنين ومفهوم الشرط عدم إتباعهما إن لم يغرا بأن أخبراها بحالهما أو سكتا . وفي نسخة وإن لم يغرا مبالغة في إتباعهما به . وفي نسخة إن لم يغرا بإسقاط الواو . الأقفهسي وهذه خط المصنف ، والنسختان الأخيرتان جاريتان على قول أبي بكر بن عبد الرحمن وعبد الحق وغيرهما بإتباع العبد مطلقا ، سواء غر أو لم يغر إلا أن يسقطه السيد من ذمته ( إن لم يبطله ) أي ما بقي عن العبد والمكاتب ( سيد ) قبل عتقه ( أو سلطان ) نيابة عن السيد الغائب لأنه يذب عن مال الغائب ، أو رفع له السيد الحاضر وطلب منه إسقاطه عن عبده مطلقا أو مكاتبه إن لم يغر ، أو غر ورجع رقيقا لعجزه فللسيد إبطاله عن العبد مطلقا ، وعن المكاتب إن لم يغر أو غر ورجع رقا لعجزه . فإن غر وخرج حرا فلا يعتبر إسقاطه عنه ( وله ) أي السيد ( الإجازة ) عبده بلا إذنه بعد امتناعه منها ( إن قرب ) كيومين . ومفهوم الشرط إن بعد كثلاثة أيام فليس له الإجازة وهو كذلك في نص عياض .

( و ) إن ( لم يرد ) بضم الياء وكسر الراء أي يقصد السيد بامتناعه ( الفسخ ) لنكاح العبد بلا إذنه ( أو ) لم ( يشك ) السيد ( في قصده ) أي السيد بامتناعه هل قصد به الفسخ أو مجرد الامتناع ، فإن شك فيه فامتناعه فسخ لا إجازة له بعده ، ويصدق السيد في عدم إرادة الفسخ وعدم الشك فيه ما لم يتهم ( ولولي ) أي أب أو وصي أو مقدم ( سفيه ) أي ذكر بالغ عاقل لا يحسن التصرف في المال ( فسخ عقده ) أي السفيه النكاح بلا إذن وليه بطلقة بائنة ولا شيء للزوجة من المهر إن فسخه قبل الدخول ، ولها بفسخه بعده ربع دينار فقط ، ولا يتبع بما بقي إن فك حجره لأن حجر الولي عليه لحق نفسه وهو باق لم يزل . وحجر على العبد لحق سيده وقد زال عنه بعتقه ، وإن لم يطلع وليه [ ص: 313 ] على عقده حتى خرج من حجره لزمه النكاح فليس له فسخه ، هذا هو الأصح قاله في الشامل . وقيل ينتقل له النظر الذي كان لوليه ، واللام للاختصاص فيتعين ما فيه المصلحة ، فإن استوى الأمران خير الولي فيهما إن استمرت المرأة حية .




الخدمات العلمية