الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3317 باب ذكر بني قريظة

                                                                                                                              وقال النووي : (باب المبادرة بالغزو ، وتقديم أهم الأمرين المتعارضين) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 97 ج 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ 55 عن عبد الله قال نادى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب أن لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة وقال آخرون لا نصلي إلا حيث [ ص: 139 ] أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن فاتنا الوقت قال فما عنف واحدا من الفريقين ] .

                                                                                                                              هكذا رواه مسلم .

                                                                                                                              ورواه البخاري ، في " باب صلاة الخوف " ، من رواية ابن عمر أيضا (قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا ، لما رجع من الأحزاب : "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق . وقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها . وقال بعضهم : بل نصلي . ولم يرد ذلك منا. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم يعنف واحدا منهم) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              أما جمعهم بين الروايتين ، في كونها : " العصر والظهر " ، فمحمول على أن هذا الأمر كان بعد دخول وقت الظهر ، وقد صلى الظهر بالمدينة بعضهم دون بعض . فقيل للذين لم يصلوا الظهر : لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة . وللذين صلوا بالمدينة : لا تصلوا العصر إلا في بني قريظة .

                                                                                                                              [ ص: 140 ] ويحتمل أنه قيل للجميع : ولا تصلوا العصر ولا الظهر ، إلا فيهم .

                                                                                                                              ويحتمل : أنه قيل للذين ذهبوا أولا : لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة . وللذين ذهبوا بعدهم : لا تصلوا العصر إلا فيهم .

                                                                                                                              قال النووي : وأما اختلاف الصحابة في المبادرة بالصلاة عند ضيق وقتها وتأخيرها ، فسببه : أن أدلة الشرع تعارضت عندهم : بأن الصلاة مأمور بها في الوقت . مع أن المفهوم من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : المبادرة بالذهاب إليهم) ، وأن لا يشتغل عنه بشيء . لا أن تأخير الصلاة مقصود في نفسه ، من حيث إنه تأخير . فأخذ بعض الصحابة بهذا المفهوم ، نظرا إلى المعنى ، لا إلى اللفظ ، فصلوا حين خافوا فوت الوقت . وأخذ آخرون بظاهر اللفظ وحقيقته ، فأخروها . ولم يعنف النبي صلى الله عليه وآله وسلم واحدا من الفريقين ، لأنهم مجتهدون . ففيه : دلالة لمن يقول بالمفهوم والقياس ، ومراعاة المعنى . ولمن يقول بالظاهر أيضا .

                                                                                                                              وفيه : أنه لا يعنف المجتهد فيما فعله باجتهاده ، إذا بذل وسعه في الاجتهاد .

                                                                                                                              وقد يستدل به على أن كل مجتهد مصيب . وللقائل الآخر أن يقول : لم يصرح بإصابة الطائفتين ، بل ترك تعنيفهم . ولا خلاف في ترك تعنيف المجتهد وإن أخطأ ، إذا بذل وسعه في الاجتهاد . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية