الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              166 باب غزاة خيبر

                                                                                                                              وقال النووي ، في كتاب الإيمان : (باب تحريم الغلول . وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 128 - 129 ج2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ففتح الله علينا فلم نغنم ذهبا ولا ورقا غنمنا المتاع والطعام والثياب.

                                                                                                                              ثم انطلقنا إلى الوادي ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له وهبه له رجل من جذام. يدعى: رفاعة بن زيد من بني الضبيب .

                                                                                                                              فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل رحله فرمي بسهم فكان فيه حتفه فقلنا هنيئا له الشهادة يا رسول الله! قال [ ص: 177 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا والذي نفس محمد بيده! إن الشملة لتلتهب عليه نارا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم" .

                                                                                                                              قال: ففزع الناس. فجاء رجل بشراك، أو شراكين. فقال: يا رسول الله! أصبت يوم خيبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شراك من نار أو شراكان من نار"
                                                                                                                              ] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه : (قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر ، ففتح الله علينا . فلم نغنم ذهبا ولا ورقا . غنمنا المتاع والطعام والثياب . ثم انطلقنا إلى الوادي . ومع رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم عبد له ، وهبه له رجل من جذام . يدعى : رفاعة بن زيد ، من بني الضبيب . فلما نزلنا الوادي ، قام عبد رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم ، يحل رحله) بالحاء المهملة . وهو مركب الرجل على البعير .

                                                                                                                              (فرمي بسهم ، فكان فيه حتفه) بفتح الحاء المهملة ، وإسكان التاء .

                                                                                                                              أي : موته . وجمعه : " حتوف " . ومات حتف أنفه . أي : من غير قتل ولا ضرب .

                                                                                                                              فقلنا : هنيئا له الشهادة . يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله وسلم : " كلا . والذي نفس محمد بيده ! إن الشملة [ ص: 178 ] لتلتهب عليه نارا ، أخذها من الغنائم يوم خيبر . لم تصبها المقاسم " . قال : ففزع الناس . فجاء رجل بشراك ، أو بشراكين. فقال : يا رسول الله ! أصبت يوم خيبر) . كذا هو في الأصول . وهو صحيح . وفيه حذف المفعول . أي : أصبت هذا .

                                                                                                                              " والشراك "، بكسر الشين المعجمة . هو السير المعروف ، الذي يكون في النعل على ظهر القدم .

                                                                                                                              قال عياض : فيه تنبيه على المعاقبة عليهما . وقد تكون المعاقبة بهما لنفسهما . فيعذب بهما وهما من نار . وقد يكون ذلك على أنهما سبب لعذاب النار .

                                                                                                                              (فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : " شراك من نار أو شراكان من نار ") .

                                                                                                                              وفي الحديث : غلظ تحريم الغلول . وأنه لا فرق بين قليله وكثيره; حتى الشراك. وأن الغلول يمنع من إطلاق اسم الشهادة على من غل ، إذا قتل .

                                                                                                                              ومنها : جواز الحلف بالله تعالى ، من غير ضرورة . لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " والذي نفسي بيده ! " .

                                                                                                                              [ ص: 179 ] وفيه : أن من غل شيئا من الغنيمة ، يجب عليه رده . وأنه إذا رده يقبل منه . ولا يحرق متاعه ، سواء رده أو لم يرده . فإنه صلى الله عليه وآله وسلم : لم يحرق متاع صاحب الشملة ، وصاحب الشراك. ولو كان واجبا لفعله . ولو فعل لنقل .

                                                                                                                              وأما حديث : " من غل فاحرقوا متاعه ، واضربوه " . وفي رواية " واضربوا عنقه " : فضعيف . بين ابن عبد البر وغيره : ضعفه .

                                                                                                                              قال الطحاوي : ولو كان صحيحا ، لكان منسوخا . ويكون هذا حين كانت العقوبات في الأموال . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية